Friday, February 18, 2011

خواطر عن الثورة المصرية

كُلُّكُم راعٍ، و كُلُّكُم مسئولٌ عن رَعِيَّتِه

لطالما أبهرتني عبقرية عمر التي خطَّتها قريحة العقاد، و لقد قرأتها مراراً منذ أن كنت في السادسة، و كل صيف، إذ لم يكن لديّ ما يُؤنس وحشتي في الغربة إلا قراءة أمثال تلك الدُّرر من الكتب. قرأت عبقرية عمر في ذلك السن الغضّ، فأحببت عمر، و أحببت العقاد، و أحببت العدل الذي لا تهاون فيه و لا مواربة. و تعلّمت في سنٍّ مبكرٍ مبدأً بسيطاً مباشراً: الحاكم لا بدّ و أن يكون عادلاً، و لا بدّ أن يتولّى شئون رعيته و يُدرك ما ينقصهم، و يعمل على النهوض بشأنهم و إعلاء أمرهم بما فيه صلاحهم و صلاح الأمّة ككل.
و عندما عدت إلى مصر، رأيت الصراع متجسدا في كل مكان على أشياء كنت أحسبها من توافه الأمور. لِمَ يتصارع الطلاب في صَفِّي على درجة يدخلون بها كلية الطب؟ لِمَ تقف الناس في طوابير من العرق و نفاذ الصبر و الحيلة؟ لِمَ تمتليء الصحف بأخبار الفساد و سرقات الكبار تلميحاً حيناً و تصريحاً حيناً؟ لِمَ تمتليء كاريكاتيرات أحمد رجب و مصطفي حسين بالتهكم على أحوال السياسة و المجتمع؟ ثم نكست الرأس عن كل هذا و انشغلت أنا أيضاً بتوافه الأمور، و لم أعد أقرأ، و لم أعد أتساءل لماذا لسنا في مدينة فاضلة يسودها العدل. تقبّلت أن هناك الكثير من الفقر، و الكثير من الجهل، و الكثير من التّهاون في الحقوق، و الكثير من الاستسلام للأمر الواقع و السير مع التيار الذي بدا جارفاً لكلّ شيءٍ جميلٍ داخل المصريين. كنت أرى الأفلام السينمائية التي تتعرّض لمظاهر الفساد في مصر فأشعر بضيق الصدر و قلة الحيلة و الرُّعب من أن تطالني صدفة تَعِسَةٌ فأُظْلَمَ من دون أن أفهم. و لم أكن أدرك أنّه في كل يوم أذهب فيه لأتعلّم فتَصْرَعَني عجلات نظام تعليمٍ يقتل النور بداخلي و لا يجعلني أفضل كنت أُظْلَم، و أنّ غيري كان محروماً حتّى من هذا التعليم الذي لا ينفع، و أنّ غيرهم لم يكن يطمح حتّى في التعلُّم، و إنّما في وجبة عشاء لأطفاله لِيَوْم.
كبرت و تَوَظَّفْت، و هذا حق أُتِيحَ لي و ربّما لم يكن لِيُتَحْ لي في نظام آخر، و لكن كانت هناك أوجه أخرى يتجلّى فيها الظلم؛ أين المنظومة الجامعية التي ستعيننا على أن ننهض بشباب الوطن لِيَتَعلّموا و ينهضوا بالوطن؟ أين الوعي الاجتماعي الذي يجعل هؤلاء الشباب و إيّانا في سعي لأن نشارك في إصلاح مجتمعنا. كنت أرى في المعظم أناساً غلبت مصالحهم الشخصية على كل شيء، و اكتشفت أن الأنانية هي السمة الفائزة، و أنّي لا أستطيع أن ألوم السَّاعينَ للمصالح الشخصية لأنّ هذا إفراز منظومةٍ طاحنةٍ لأيّ إنكارٍ للذّات. إن كنت تعمل بوازعٍ من ضميرك فَسَتَعْمَل المزيد و المزيد، و إن تَوَقَّفْتَ فأنت مُجرم و ستُحاسَب، أمّا إن كنت لا تعمل من الأساس فأنت "مفقود فيك الأمل" و ستُتْرَكُ لِحَالِك. هكذا ينجو الكُسالى و العاملون لمصالحهم و يظلُّ المجتهدون يدورون في "الساقية" إلى أن تأتيهم فرصة للهرب. و قد هرب جزءٌ مِنِّي إلى هُنا، لم يكن السبب الوحيد أنّي أردت أن أتعلّم بأسلوب جديد و في منظومة جديدة. و اكتشفتُ بعد قدومي إلى هنا ما الذي يجعل المبعوثين منبهرين بالنظام الغربي: أنك تعلم أنّه بمقدار اجتهادِك و تَحَضُّرِكَ سَيَكون تقديرُك. ما هِيَ الكلمة؟ العدْل!
عدت هنا إلى فَهْمِي الأصليّ - المثاليّ - لِفِكْرَةِ الدّولة و الحاكم، و استقر في نفسي أنّ الحاكم العادل عندما يتصدّى لولاية أمر شعبه فلا عُذر لَهُ في جهلٍ أو تخاذلٍ عن كل جهدٍ يمكن بذله للنُّهوض بحال بلاده. إن تَوَلِّيَ أمور الناس واجبٌ جسيم، و بتجنيب السياسة و ألاعيبها التي لا أفهمُها - و لا أُقدِّر من يلعب بعدم فهمِها ك"كارت" تبريرٍ للحال المُزْري الذي وصل إليه جزءٌ كبيرٌ من المصريين - فإن أقلَّ واجبٍ على الحاكم أن يَحْكُمَ ثلاثين عاماً فلا يظلّ من شعبه مدقعٌ في الفقر يفترِش الأرصفة و ينام في الشوارع عارياً من الملبس و الكرامة، في ظل دولة من المفترض أنّها تنعم بالأمن و لا تخوض حرباً تستنزِف مواردها، تلك الموارد التي يسمعُ عنها عامّة الناس فَيَتَعَجَّبون: سياحةٌ و قناةٌ بحريةٌ و استثماراتٌ أجنبيةٌ و غازٌ طبيعيٌّ و بترولٌ و عمالةٌ تملأ الوطن العربي من شرقه لغربه. من المفترض أن تحكم ثلاثين عاما فتُلْغِيَ المركزيّة في العاصمة و تتيحَ الخدمات و الاستثمارات في المُدُنِ الأخرى التي يسكنُها أناسٌ أيضاً، و تُوَسِّعَ من رقعة البلاد لينعم أبناؤها جميعاً بِيُسْرِ الحياة و لا يَسْعَوْا للتَّكَدُّسِ على ضفاف النيل الذي ضاق بساكنيه. من المفترض أن تحكم ثلاثين عاما فتنتعش الزراعة التي هي رأس مال بلادٍ حباها الله بِنِيلٍ يسقي ضفافه الخِصْبَ و الحياة. من المفترض أن تحكم ثلاثين عاما فتنشر فكراً واعياً بمعطياتنا الاجتماعية و السياسية، لا أن ترعى تفاهة في الفكر و استهلاكية في العلم و الفن و الأدب و تمجيدا للحاكم الأب. من المفترض أن تحكم ثلاثين عاما فتنشر الأمن و العدل و الرحمة بين الناس و تُعَزِّزَ من القيم الجميلة التي كانت تتّخِذُ مِنَ المصريين موطناً و تتجلَّى في أفعالهم منهجاً. من المفترض أن تحكم ثلاثين عاما فلا تكتفيَ بتقارير المُبَلِّغيَن و لا تأكيداتِ البطانة التي لا يعلمُ مدى فسادها أو صلاحها إلا الله، لا تكتفي بهذا فتنزلَ إلى شوارع بلدك و تتحرَّى أحوال رعيتك و ترى بعينك ما يأكلون - أو ما لا يأكلون - و كيف يفكرون - أو كيف توقفوا عن التفكير - و ما يشغلهم من أمور حياتهم و ما يرغبون أن تعمل عليه لِتُحَسِّنَ من تلك الحياة.
تَفَكَّرتُ في هذا كله و لم أعرف سبيلا لتصحيحه، تفكرت في هذا ثم أقنعت نفسي بعبثية الأمر بِرُمَّتِه و بِأَنَّ في الصورة عناصر أكبر من إدراكي المثالي؛ إن الحياة مليئة بالمآسي و مليئة أيضاً بالتفاهات، و طالما لم يقع عليّ ظلم بين فلا بأس هناك، و ليرحم الله المظلومين إن استحقوا الرحمة.
ثم قامت الثورة على النظام المصري الحاكم..
و لقد كنتُ في البدء أخجل مِنْ أن أدعوها ثورة، بل و لمَّا رأيت إرهاصاتها على فيسبوك - و أنا من المستخدمين المدمنين له - ضحكت، ليس سخرية من المتظاهرين و لا من مطالبهم، و لكن من عبثيَّة الأمل في أن يتغير شيء، فلطالما تظاهر المصريون في السنوات الأخيرة. و على قدر ما كان يحدوني الأمل عندما كنت أرى أن حراكاً في الماء السياسيِّ و المجتمعيِّ الراكد منذ زمنٍ طويلٍ قد بدأ يغلي تحت سطح السلبية و الصمت المغلوب على أمره، فإني كنت أقول لنفسي أنّها "القِلَّةُ" المثقفة - و التي دُعِيَتْ بعد ذلك بالقِلَّةِ المُنْدَسَّة - و أنَّ الأغلبية ستظل تصمتُ و تَجْبُن، و أنا منهم. إنَّ غايةَ آمالي كانت أن أكون مصلحةً اجتماعيّةً و أن أعمل بإتقانٍ علَّ هذا يشفعُ لي سَلْبِيَّتي. و لَمْ أحلُم بأن أرى ما حدث، و ليتني كنت هناك! إن السخرية التي انقلبت إلى انبهار، و الكفر بالأمل الذي انقلب إلى إيمان، لَهُمَا أكبرُ مِنْ أن يوصفا بالكلمات..
إنّ الذين انتقدوا ثبات الثائرين على مبدئهم فاتهم أن يُدْرِكوا أشياءَ كثيرة؛ فاتهم أن يُدركوا أن الثورة الحقيقيّة لم تكن على النظام قدر ما كانت على السلبيّة و الاستسلام للعبث بالمُقَدَّرات، فاتهم أن يُدركوا أن لو كان الثائرون قد عادوا إلى بيوتهم لكانت جذوة ذلك الأمل الذي وُلِدَ بداخلنا جميعاً قد ماتت و دُفِنَت إلى الأبد، فاتهم أن الثورة على الظُّلم ليست نزهة يعود المتنزهون منها لِيُكَرِّرُوها بعد حين كُلَّما أرادوا، و إنّما هي مخاضٌ لا بد أن تُكْتَبَ بعضُ سطوره بالدماء و التضحيات.
إن المصري بطبعه مسالم، و قد أرجع توفيق الحكيم - في يومياته كَنَائِبٍ في الأرياف - هذه الطبيعة لارتباط المصري بأرضه و زرعه، فالذي يزرع لا يُحَطِّمُ و لا "يوقف الحال". و حَوْلَ هذه الأطروحة كانت النداءات التي رأت أن تُغَلِّبَ صوت العقل و تسيير الأمور. كُلُّ هذا تغيَّرَ الآن، فالمصريُّ لم يعد مزارعاً مسالماً، و إنما أصبح مهندساً و طبيباً و موظفاً و عاملاً و تاجراً و طالباً و ناشطاً، و عاطلاً أيضا، و لذلك لم يَعُدْ من المُمكِن التنبؤ بِرَدِّ فِعله إذا ضَغَطَت عليه الظروف أكثر من اللازم، سواء كانت ظروفاً اقتصاديّة و اجتماعيّة لِرَجُلِ الشارع البسيط أو ظروف قهرٍ فكريٍّ و سياسيٍّ للمُثَقَّفِ و النَّاشط. ثار هؤلاء جميعا؛ بدأ المثقفون و الطلاب الذين يريدون مساحةً حُرّة لِوَعْيِهِم لا قهر فيها و لا قمع، و تَلَاهُمُ البُسطاء الذين يتلَخَّصُ حُلْمُهم في حياةٍ كريمةٍ لا تُشَوِّهُها الفاقة و المهانة.
و لقد تابعتُ بشغفٍ و بقلقٍ أيضاً كلَّ ما كان يحدُث، و لقد انتابتني نوباتٌ مِنْ ضحكٍ مُرٍّ يُشْرِفُ على البكاء الأَمَرِّ كُلَّما رأيتُ دعواتِ "الأب الزعيم" و "أخلاق المصريين التي تعفو" و "لا تلوموه على بطانة السوء فهو لم يكن يعرف حجم الفساد و الغُبْن الذي لَحِقَ بشعبه" و "أعطوه فرصةً أخرى لِيُصَحِّحَ الأوضاع" و "لا يجوز الخروج عنِ الحاكم، و لَحَاكِمٌ ظالم أهونُ شراً من وضعٍ أمنيٍّ غير مستقرّ". أيُّ أب؟! أيُّ أخلاقٍ تَذَكَّرَها المصريون الآن بعد أن أصبح الكثيرُ مُرْتَشين فقط لِيَتَمَكَّنوا من العيشِ بكرامة؟! أيُّ تغييب يُغْفرُ للحاكم؟! أيُّ تصحيحٍ بعد أنْ فاض الكَيْل؟! و أيُّ ظلمٍ هَيِّنٍ يستحقُّ من أجله أن يَتَحَمَّلَ الناس الجوع و الفقر و المهانة بالدّاخل و الخارج ؟! لقد انساق الناس وراء كل كلمة هَوْناً، و قد يكون لهم العذر في حالة الفزع التي أَلَمَّتْ بالبلاد، و لكن أن يلوموا الذين ثاروا على الظُّلم لأنَّهم ثاروا، و لا يُوَجِّهوا اللوم لمن أثار الذعر في الأصل، فهذا شيء استعصى عليّ فهمه و التعاطف معه.
تنازع المصريون على الشبكة العنكبوتية و غرِقوا في صراعات و تصفية حسابات و توجيه اللّوم إلى أيّ شيءٍ عكَّرَ عَلَيْهِمُ الأمن الزائف الذي تَوَهَّموا وجوده في سلبيتهم، و نسوا أنّ المعجزة قد حدثت، و أنَّ حاجز الصمت قد كُسِر، و لقد صمد الثائرون بنبل ضُرِبَت به الأمثال هنا في حين حورِبَ هُناك، و تحقَّقت لهم معجزة أخرى؛ لقد تمَّ لهم ما أرادوا! إن الفخر الذي شعرنا به هنا - و نحن لم نصنع شيئاً و لم نبذل جُهداً و لا دماً - أصبح تاجاً على رؤوسنا يَحْسُدُنا عليه الأجانب! لقد ضربوا بهؤلاء الثائرين المثل؛ في صمودهم، في دعوتهم للسلمِيَّة في التظاهر، في حمايتهم للمصلِّين مُسلمين و مسيحييِّن، في تنظيفهم لميدان التحرير في نهاية اليوم.
و لكنَّ الطريق طويلٌ و صعب، و تنظيفُ الشوارع يظلُّ أيْسر من تنظيف العقول من الأفكار السلبيّة و التبعيّة الفكريّة، و أيْسر من تنظيف التصرفات من التَّكاسُل و السعي للمصلحة الشخصية على حساب أيِّ شيء. لا يزالُ هناك الكثير مِمَّا يجب فِعْلُه، فنحن أطفالٌ نحبو الآن في دنيا رحبةٍ مليئةٍ بالطموحاتِ و الأطماعِ و التحديات، و لا بدَّ أن نكبر سريعاً - فقد صرنا بلا "أبّ" - و نَفْطِمَ أنفُسَنا بأنفُسِنا عن الاستسلام و التخاذل و الاعتماد على أكذوبة أنَّ فهم الآخرين مُنْقِذٌ لنا من الشَّتات، و لا بدّ أن نعملَ بجِدٍّ لِنُحَقِّق الرِّفْعَةَ لِبلادِنا، و لا بدَّ أن ينضج وعيُنا السياسيُّ و المجتمعيُّ لِنَسْتَحِقَّ أن نَكونّ أحراراً من وصاية "الكبار الذين يفهمون أفضل". لا بد أن نتعلَّم أن نتقبَّل على مضضٍ اختلافاتِنا، و نتعلَّم كيف نتعاونُ لِنَبْني، و الأهمّ من ذلك أن نتعلَّم كيف نَعدِل و نُقَوِّم أنفسنا.
عندما قاطعتِ امرأةٌ عُمر ابن الخطاب في المسجد لمَّا أراد أن يُقَيِّدَ حقاً من حقوقها، و لا أقول أن يأكُل حقاً من حقوقها، فقال أصابتِ امرأة و أخطأ عمر! كان هذا من باب تقويم الحاكم إن بَدَرَ مِنْهُ شُبهة الحَيْفِ عنِ الحقّ، حتّى و إن كان حقاً تافهاً كالمُهُور! و مَنْ هُوَ الحاكم الذي نتحدَّثُ عنه؟ رجلٌ كان العدْل دَيْدَنَه. رجلٌ أَبَى إحساسه بالعدْلِ أنْ يُسلمَ فلا يهدأَ حتّى يَقْتَصَّ مِنْ نَفْسِهِ جزاءَ إيذائِه للمُسلِمين، و يذهبَ فَوْرَ إسلامِهِ لِيَحْتَكَّ بالكُفَّارِ كَيْ يُؤْذُوه. ذلك عدْلٌ لا مداهنةَ فيه! رجلٌ عندما طلب منه الصحابةُ أنْ يُوصِيَ لابْنِهِ بالخلافة - و ابنُهُ عبد الله ابن عمر هُوَ مَنْ هُوَ في فِقْهِهِ و عِلْمِهِ و حُسْنِ اتِّبَاعِهِ للرَّسولِ الكريمِ عليهِ الصلاة و السلام - فَيَقول عمرُ أنَّ حسْب آل الخطاب مِنَ الإمارة أن كان هو أميراً للمؤمنين، "فإن كان خيراً فَقَدْ أَصَبْنا منه، و إن كان شرّاً
فَبِحَسْبِ آل عمر أن يُحَاسَبَ مِنْهُم رجلٌ واحدٌ و يُسْأَلَ عنْ أَمْرِ أُمَّةِ مُحمّد، أمَّا لقد جهدت نفسي، و حرمت أهلي، و إن نجوتُ كفافاً لا وزرَ و لا أجرَ إنِّي لَسَعِيد."
و إن نجوت كفافاً لا وزر و لا أجر إني لسعيد ..
إنَّ تَوَلِّيَ أمورِ النّاس ليس بالهَيِّن، و عَلَى من يتصدَّى لهذا الواجب أنْ يَعْلَمَ أنَّه ليس لِيُشَرِّفَ المحكوم بِحُكْمِه. إنْ كان حاكِمٌ قدْ خاض حرباً لِيُحَرِّرَ شبراً مِنْ وطنِهِ فهذا واجبٌ و شرف، و لا يُنْكَرُ جِهَادُهُ و لا يُنْتَقَصُ من قَدْرِه، و لكن لن يُؤَلَّهَ و يُغْفَرَ لَهُ ما قَصَّرَ في حقِّ أبناءِ شعبه. لِلْحَاكِمِ الاحترامُ نعم، و لكن عَلَيْهِ واجبٌ ثقيلٌ دُونَهُ حِسابٌ لا بدَّ أن يكونَ عسيراً، و كما قال أحد الشبان في ميدان التحرير: إن ما فعلناه سَيُعَلِّمُ القادمَ أن يُفَكِّرَ ألفَ مرّةٍ قبل أن يظلِم شعبه إمَّا عمداً أو غفلةً و تجاهُلاً.
عاشت مصر منارةً حُرّة، و دام للمصرييّن عِزُّهُم، و أَعْلَى الله شأنَ بلادي بيْنَ الأُممِ بِيَدِ أبنائها الشُّرفاء، و جَعَلَنِي اللهُ مِنْهُمْ

Template by:
Free Blog Templates