Tuesday, September 28, 2010

صحوت اليوم على أمل

صحوتُ اليومَ على أملْ
يطيرُ بيْن جنْبي القلبِ الأسير
حطَّ من البعيد
و في طرْفِهِ رسالة
هل نظرتَ اليوم إلى الأفقِ البعيد؟
و ألقَيْتَ التَّحية؟
أتطلّع
و في قلبي نداء و تضرع
يا رب
تَمَسَّحْتُ بالأعتاب
و أطلقتُ سراحَ جنوني
و تنَسَّمْتُ عبيراً من الرحمة
و ناديت
أيُّها القلبُ الكسير
تأمَّل في عطفِ الرَّبِّ الكبير
و افهم
و تعلّم
أنَّ ماضيكَ المُحْزِن
ما هُوَ إلا لحنٌ خشنُ الطَّبْع تبدأُ بهِ المَقْطوعَة
و أنَّ كُلَّ سكّينٍ غرزتها الأيام
رَسَمَتْ لوحةً في متحفك
و انظر إلى آثارِ رحمةِ ربك
و اشكر
ربّما كنتَ تعيساً أياماً كثيرة
و لكنّك سَعِدْتَ يوماً
و لَعَمْرِكَ هذه نعمةٌ تحسدك الدنيا عليها
فاقبل
و اعتنقِ السَّلَام

Sunday, September 12, 2010

أنوار

تقف مُتَشَبِّثةً بالسور
تحتها أنوار المدينة خافتةً مُغرية، و أصواتٌ بعيدة
و فوقها أنوار أبعد
يَمْتَزِجُ الأحمرُ و الأسود
تنظر من طرف عينيها لِتَرى شعرها يتطاير بِخِفَّةٍ مع نسائم الليل
و من أطرافه تتناثر ملامحٌ من مشاهد قديمة
تتمنّى لو كانت على حافة باخرة تَعُبُّ أمواج المحيط
لِتَرْحَلَ من جديد
...............
هناك صوت لِأُمِّ كُلثوم في الخلفية
يُذَكِّرُها بالمذياع الذي كان رفيق والدها الوحيد
كانت في يومٍ من الأيام رفيقة والدها الوحيدة
بعد منتصف الليل.. يجلسانِ معاً في الظلمة
يرسمان في صمتٍ لوحاتٍ على صفحةِ السماء
هي تَنْظِمُ النجوم عقداً من الأحلام.. و هو يَنْفُثُ السجائر سحاباً
بلا كَلَلٍ كان السحاب يطارد الأحلام
و كانت فلسفات فارغة تتحاور مع خيالات فارغة
ثم تأتي الشمس فتمحو كل شيء
تختفي السماء و النجوم
و تَتَبَقّى أنوارٌ صفراء.. ثم تصير الأنوارُ بيضاء
ثم تَوَقَّفَ صوتُ المذياع
و لم يَعُدْ هناك رفيقٌ فلسفيٌّ في المساء
...............
على الجانب الشرقيّ من السور ريشاتٌ سوداء
تَتَمَرَّغُ في لوحاتٍ صفراء
تَتَذَكَّرُ أنْ لو كانت جدّتُها هنا
سَتُشيرُ إلى هناك، و تترجم لها كُلَّ لوحة
و سيضحكانِ معاً.. و ستأتي النساءُ الأخريات
ليُصْبِحُ الكُلُّ لوحة
ثم ينطفئُ النور، و يَنْفَضُّ الجمع
و تُفْقَدُ في الترجمة
...............
مِنَ ورائها كانت هناك عَيْنانِ تُتَرْجِمانِ لَوْحَتَها
لكنَّها لا ترتدي أنواراً
و سوادُها يُضارعُ سواد السماء
و لَيْسَ على جبينها نجمةٌ تُضيء
و لا فوق رأسها مصباح نورٌ يُومض
فقط يصدر من قلبها صوت مذياعٍ قديم
و همهمات من صندوق حكاوي الجَدَّة

Thursday, September 2, 2010

وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا

بسم الله الرحمن الرحيم
قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)

لقد توقفت عند هذه الآية مراراً، و لطالما شعرت أنها ما هي إلا خطابٌ لبني البشر من الله أنّكم لن تفهموا الحكمة ممّا يحدث لكم إلا فيما بعد، و عليكم الآن أن تصبروا و أن تجتهدوا في الفهم لما يحدث، دون تجديف بحكمة الخالق الذي يعلم كل شيء.
لطالما صارَعْتُ نفسي لأفهم لماذا تحدث الأشياء، و لماذا لا تحدث، و لازلت أصارع نفسي و أتجاذب معها أطراف الجدل، تارة أحثّها أن تصبر، علّ الحكمة تتّضح فيما بعد، و تارة تغلبني فأقول أشياء مما نُحَدِّثُ بها أنفسنا حين اليأس من الفهم.
و لكن الأب يقول لولده عندما ينصحه: عندما تكبر ستفهم، فافعل الآن و ستفهم لاحقاً! و أعتقد أن كل من مرّ بالمراهقة يعرف جيداً مدى الغيظ الذي تُحْدِثُه تلك الكلمات في نفسٍ غِرَّة تخال أن العالم ملك البَنَان و لا منطق إلا منطقها. أحياناً أشعر بنفس الغيظ، و لكن أعود فأتذكر أنّي فيما بعد فهمت حكمة الأب، فلن تفهم تلك النفس الطائشة وقت حدوث الأشياء، لأن علمها في ذلك الوقت ناقص، و خبرتها محدودة إن لم تكن منعدمة. و حكمة الرّب أشمل و أوسع، فلابدّ أن علم الإنسان مهما اتّسع فلن يستوعب المقاصد من أحداث الدنيا. و لكن المشكلة أنّ الجاهل يتحدّى و يريد أن يختبر بنفسه، و لا يرغب في أن يستمع للصوت الذي يناديه حاثَّاً إياه أن يصبر حتى يكبر عقله و يمكنه أن يفهم كل تعليلٍ لكل لماذا.
أحياناً أتسائل، هل هناك حكمة من الأشياء حقاً؟ أَفَإن تصبّرنا و التزمنا التسليم التام لحكمة العليم و تركنا التمجيد لحُمْقِنا و اغترارنا بفهمنا المنقوص، هل سيكون هناك إجابات شافية لتَعَطُّشِنا لأن "نعلم" في آخر الطريق؟ ليس أمامي إلا الصبر، وليس الصبر بسهل، فسيدنا موسى لم يستطع الصبر و استعجل فهم الحكمة، و ليس أمامنا إلا أن نتذكّر قصّته لِنَحُثَّ النفس على أن تنتظر و تصبر، فكل شيء لا بدّ سيتضح في النهاية.

Template by:
Free Blog Templates