Tuesday, October 6, 2009

أحلى بلد بلدي، أشجع ولد ولدي، يا مصر يا عمري، يا بسمتي و فجري

كنت أركب سيارة الأجرة عندما مرّت بجانب فرقة عسكرية تستعد للعزف احتفالا بذكرى حرب أكتوبر، فقال السائق: و الله العظيم احنا ما نستاهل نصر أكتوبر ده، الرجالة اللي ماتوا دول ماتوا هدر! و أمّن على كلامه راكب آخر في السيارة. لم أعتدّ بالكلام كثيرا، و لكني لمّا عدت و فكرت راعتني الجملة التي قالها السائق بكل حرارة. هل مات أولئك الأبطال هدرا؟ ألم تعد سيناء؟ و ماذا فعلنا بها؟ و ماذا فعلنا بأنفسنا؟ إن الجيل الموجود الآن قد لا يستحق هذا النصر، فكما قال عمرو أديب هم يهتمون أكثر بعيد ميلاد عمرو دياب! ما هذه السخافة في التفكير؟! لا، ليس كل الجيل هكذا، فلقد تعاملت أثناء عملي بالتدريس الجامعي مع شباب و فتيات ممتلئين بالذكاء و الحماس للعلم و العمل، و لكنهم يفاجئون بالاحباط من أقرب الناس إاليهم: من أهلهم، من مدرسيهم، من زملائهم، و منهم من لا يستسلم و يستمر، و منهم من يهرب الى الخارج. و لكنني أعرف أن الخامات الممتازة ما تزال تنبت في هذه الأرض، و لكن ما الذي يجعلنا نستحق النصر الذي أهداه لنا أناس حاربوا في ظل فقر الموارد و غنى الأفكار و الوطنية؟ أن نكون نحن أيضا أغنياء بأفكارنا و وطنيتنا و انتمائنا. يقول الكثيرون نحن لا نجد عملا، و أنا أقول أن من يبحث بجد سيجد عملا، و أن الانسان الطموح سيكبر و يصل الى طموحه حتى و ان بدأ بأعمال بسيطة. لقد عرفت أناسا لديهم هذه الشعلة من الطموح، عملوا و هم طلاب في المطاعم و الفنادق و استذكروا في كليات من القمة و اجتهدوا حتى أصبحوا يعملون الآن في شركات عالمية و مناصب مرموقة، لماذا يصل مثل هؤلاء؟ لأنهم و هم يعملون بالعمل البسيط و يستذكرون، لا ينسون الهدف العظيم الذي وضعوه لأنفسهم، و لا ينون عن السعي له بكل قوة و اصرار، و لا يتنازلون عن حقوقهم و يدافعون عنها بالذكاء و الحيلة أحيانا و الشراسة أحيانا. هؤلاء لم يعملوا في المهن البسيطة و هم ينظرون تحت أقدامهم و يعدّون القروش التي تقع في أيديهم، بل أبقوا رؤوسهم عالية الى الأمام يستلهمون من أهدافهم الكبيرة عزيمة على الاستمرار و رغبة في التغيير و عدم الرضا بالبسيط من الهمّة و الهدف. أنا لا أرى هذه الهمّة و العزيمة كثيرا اليوم، و أرى الكثير من الضمور و التواكل و البكاء و الرغبة في البقاء في أحضان الأهل و البيت و القهوة و الأصحاب و الحصول على نعيم الحياة بسرعة. أين أمر الله بالسعي؟ أين الضرب في الأرض مع البقاء على الانتماء؟ إن الشجرة السامقة لا تخشى أن تمدّ فروعها الى عنان السماء و فوق الأسوار و الحواجز، و لكنها لا تنمو بهذه الجرءة إلا لأن لها جذورا قوية تضرب في أعماق الأرض و لا تتزحزح. ما أراه الآن هو بعض فروع تنمو بلا هدف و لا جذور، و بعض جذور باهتة جرداء كسلت عن أن تمتدّ في الأرض و تأخذ ما تستطيع من الغذاء لتقوى على امداد الشجرة بما يتيح لها النمو و الازدهار. و سيقول قائل " اذا كانت الأرض قاحلة فكيف ستنمو الشجرة قوية؟" و سأقول إن الله هو الرزاق، و أن الأرض في ذاتها لا ترزق، و انما ترتمي البذرة في أحضانها و هي عازمة على النمو، و يرعاها الله بعنايته ان كانت بذرة صالحة ستثمر في المستقبل. البذرة تفعل ما عليها و الأرض تفعل ما عليها و لا يصح إلا الصحيح
ربما نحن لا نستحق ذكرى الانتصار اليوم، و لكننا نستحق أن تبقى ماثلة أمامنا لعلّنا نبدأ في الإفاقة من الوهم و التواكل الذي نعيش فيه، إن هؤلاء الأبطال حققوا معادلة بسيطة: فقر موارد + أفكار خلاقة و غير تقليدية + ارادة و عزيمة حديدية + ايمان قوي بالله و الوطن + اعتماد على الله في النصر، و استطاعوا أن "يفعلوها"، و نحن لا نرى في المعادلة إلا فقر الموارد لنندب و نبكي بينما باقي عوامل المعادلة في عقولنا و قلوبنا ان أردنا أن "نفعلها" حقا

A day with friends

This Monday was an exceptional day, because I had the chance to spend it with all three of my friends, although on separate intervals because these friends have little in common. In the morning, I met Amira for a private matter, and we had the chance to talk for about half an hour or so. Amira is the only one I can talk with about my ambitions and find a listening mind, because we shared those ambitions and still think about them. She's also one of the lucky few who had an equal share of happiness and sadness in their lives, not the monotonic satisfaction or depression, but true sadness and true happiness. I told her how I feel about the subject we were meeting to deal with, and I discovered that I lost faith in lots of good things in life. I preferred to find safety in avoidance than taking chances, because I took so many chances and they brought nothing but brief contentment and enduring pain. She's blissfully happy with her life, although she criticizes her performance in the practical field of her life, which was her ultimate ambition. But that shows you how some unexpected things can bring you ultimate happiness because they carry with them a beautiful sharing and companionship, even though we presume that our happiness is bound to our own mental image and plans.
In the afternoon I met Walaa, and I will admit that lately our meetings have grown more scarce, because of my unwillingness to come to Mansoura and the gloomy tone that took over our conversations. But this day she was on a moderate tone because she was bringing some excitement to her life again, and I told her what was new news for me, and we had a nice time talking about how stupid some people are. I was urging her to free herself of the restrictions her family imposed on her, not because I want her to be totally free, but because I find that placing such harsh restrictions on a woman who's beginning her thirties is ridiculous! She can't buy her own clothes for God's Sake! I seriously thought that was a major part of her unhappiness; the suffocating rules and norms she has to endure, and I told her so, but she has no rebellion in her guts. I pray that she has any sort of breakthrough in her life so that she can find the peace of mind she deserves.
I went home to find my friend Omneya calling me to tell me to come over, I was so tired and sleep-deprived, but I never wasted the chance to meet her because those were few chances due to her married life of domestic and social commitments. We spent the time playing with her two beautiful kids, and talking in between breaks. Sometimes our talks take a flat line because of her exhaustion and her kids' demands, but we always manage to talk about something deep. I can see a live example of marital and domestic life with all its pros and cons in front of me, and she manages to remind me that my situation isn't all that awful, and there are advantages to being free of social ties. I began to agree lately, because when I talked with mother once about something a man said to me in a marriage meeting "You seem to be a very strong woman!" She said: Why not? Men don't like strong women, and women should play it right and act the demure type men seem to prefer. I said: I will never act anything for a man, and I couldn't find a man who deserved toning down my strength. I don't want a man who's afraid of my strength, although I can call it more accurately "my passion about my convictions." I want a man who CAN conquer this strength with his confidence that it's a good thing. He then can depend on me if need call for it. She laughed at my stupidness, and I bet in her mind she said "You'll never find that!" But that conversation made me appreciate what my friend told me about my freedom and how it's precious now that I have it.

Saturday, October 3, 2009

في شارع المعز

كانت هذه "الرحلة" على غير انتظار و ترتيب، و ترددت كثيرا لأسباب شخصية لا أستطيع البوح بها، و لكني في النهاية قلت: و لم لا؟ سأصلي ركعتين في الحسين و أمشي في الخان قليلا لعلّي أمسك بطيف من باب قديم. و ذهبت و صليت العشاء في الحسين، و دعوت كثيرا الى الله أن يفرج الكرب عني و عن أحبتي، ثم دخلت المقام لأقرأ الفاتحة، و رأيت النساء يتمسّحن بالمقام باكيات راجيات أن يشفع لهنّ الحسين عند الله، و عرفت في قرارة نفسي أن الناس لا تفعل ذلك كفرا أو اعتقادا بأن الله يجعل بيننا و بينه شفعاء و وسطاء، و لكن لأن الناس تخشى و تخجل من أن تتحدث مع الله مباشرة، إنها رهبة بدائية لا تتضاءل مهما قال العلماء أن ليس بيننا و بين الله حجاب. خرجت و كلّي أمل أن يستجيب الله دعائي لأنني تجرأت و حدثته كصديق، و حمدت الله كثيرا أنني "مستورة" لا أقف في الشوارع أسعى لرزقي و لا أبيت ليلتي فيها. دخلت الى الخان، و راعني الركود في حركة البيع، و كأن الأجانب لم يعودوا يريدون منّا تذكارا ملموسا، فالكاميرا الرقمية أتاحت للجميع أن يأخذ الذكرى على رقاقات الكترونية. سرت حتى وصلت الى سوق الذهب، ثم لفت نظري جامع في نهاية الشارع، فسرت أتبع أنواره، و وجدتني أسير في شارع ليس بالمتسع و لا بالضيق. نظرت الى الجامع فوقر في صدري أنني في المعزّ لدين الله الفاطمي، و لكنني أردت أن أتأكد، فبحثت بعيني و قلبي عن يافطة زرقاء، و لمّا تأكدت أنني فعلا في المعزّ، وددت ساعتها لو أنني أستطيع أن أتقافز كالطفلة التي جاءتها أجمل لعبة على غير انتظار. لقد قرأت كل مقالات جمال الغيطاني في جريدة المصري اليوم في رمضان، و لكم وددت لو أنني عندما أزور الجمالية أن يأخذني بيده ليريني تاريخ كل حجر في ذلك الحيّ العريق، و لكن ما العمل الآن و أنا في الشارع فعلا؟ فلأبدأ رحلتي بنفسي، فمن المؤكد أنه بدأ رحلته بنفسه، و أعادها مئات المرات كي يتشرب المكان و يحكيه لنا تاريخا. بدأت أسير خطوة و أتوقف خطوة، ففي كل حجر حكاية، و على كل مبنى اسم عريق ساحر في غموضه أحيانا و علم في شهرته أحيانا، و كنت أبكي و أبتسم معا، فمع كل أثر جديد تقع عليه عيناي كنت أودّع أثرا قبله، و لكم وددت لو أني ذرعت الشارع في هذه الليلة ذهابا و إيابا حتى يملّ منّي. انظروا! هذا هو الدرب الأصفر! و هذا بيت السحيمي! و هذه عطفة! و تلك حارة! و ذلك زقاق! و الجوامع و المدارس و السبل تتلألأ بنور خافت و سمت صامت كأنها رضيت بأن تقبع في أماكنها شاهدة على عصور متعاقبة من السلطة و القهر و التباهي و النصر و الهزيمة و المؤامرات. و لكن ذهبت تلك العصور، و بقيت الأماكن صامتة تحكي بأحجارها الأحداث، و تاهت الأغراض التي بنيت من أجلها تلك المباني في الزمن، و بقي الجامع جامعا للصلاة، و المدرسة مدرسة للعلم، و السبيل سبيلا لنجدة الملهوف و المسافر. بدأت معالم الشارع تهدأ، لا جوامع و لا سبل و لا كتاتيب، و قربت الساعة من منتصف الليل، فعدت أدراجي ألقي النظرة الأخيرة على ما كنت ودّعت منذ قليل، و عند الجامع الأزهر التقطت صورتي الأخيرة و انطلقت بعيدا عن المكان. عندما عدت للمنزل و راجعت ما كتب عن شارع المعزّ، عرفت أنني لو كنت استمررت في السير كنت وصلت الى باب الفتوح، و لو كنت سرت في الاتجاه الآخر بعد الجامع الأزهر لكنت وصلت الى باب زويلة، و لكن تلك زيارة أخرى، و آمل أن تكون قريبا

Template by:
Free Blog Templates