Tuesday, November 10, 2009

هل من هلاليّ للزمردة الحزينة؟

هل من هلاليٍّ للزمرّدة المُحبة؟
يشتريها، يبيعها، لكنّه يحفظها بقلبه
يجول في دنياه يحارب الأعداء و الأعباء
و يشقّ دربه
يحمل الزمرّدة الحبيبة فوق الحصان
و يعبر فوق الأحزان
يحتضن الحلم المبحر دون شراع
يمسك سيفا في يد، و في الأخرى مهداً
لطفل يحبّه حتى النخاع
يناجي في الليل أحلامها
و يراسل من وراء الحُجُبِ أفكارها
هل من هلاليّ يستند إلى يديها؟
و يفضي بهموم حروبه إليها
و يتذبذب صوته عندما يحكي
بين الحماس الملتهب، و الحنين المتعب، و التحدّي المتصلّب
هل من هلاليّ تترقرق الأحاسيس النبيلة من عينيه؟
تتألّق العزيمة في ساعديه
يحرّكه القلق المستميت الذي يمشي في عقله سعياً
بين جبل الحلم يريد أن يصعد إليه
و حائط الواجب المقدّس الذي تأتمنه الظروف عليه
هل من هلاليّ للزمردة الحزينة؟
تحمل معه همومه المجنونة
و تبتسم عبرها ابتسامة الطمأنينة
كي تبعث في نفسه المهتاجة بعضاً من سكينة
لترتاح صراعاته في أحضان الأمومة حيناً
و يلتمع عشقه الناريّ في عينيها حينا
هل من هلاليّ للزمردة الحزينة؟

شكراً لرجلٍ نبيل

شكراً لرجل نبيل
علمني أن الحياة ليس بها مستحيل
علمني أن أرفع صوتي و لا أدفن رأسي بين الأحجار
شكراً للرجل النبيل
أن أعطاني مثلا أعلى
لأعرف ماهية الرجولة
و أقيس على أفعاله معايير البطولة
صبرٌ و جلدٌ في الملمّات
و هامة ترتفع فوق الصعوبات
و وجه مع كل هذا يستطيع الابتسام
لطفلة شقية جميلة
و قلب يهتز طرباً و حباً و عطفاً على إخوةٍ طيبين
شكراً لهذا الرجل النبيل
فرغم الصعاب و رغم الطريق الصعب الطويل
لا يزال يستطيع أن يجد قوةً في الاعتذار
و أن يمسح بيديه دموعاً، و يحمل بين جنبيه هموماً
و يتحمس للدنيا، و يصرخ أن الهزيمة وهم بعيد
شكراً للرجل النبيل
لأنه ذكرني بأن الله كبير، رحيم، عظيم
عند الظلام ينير الدروب
و عند الحزن يؤنس القلوب
و عند الوحشة يرسل رسائل من نوره عبر الأثير

شكراً للرجل النبيل

Monday, November 9, 2009

هل تتذكرين؟

هناك
تحت المطر
هل ترين؟
هل تتذكرين؟
حائطاً استندت إليه أوهامك المراهقة
بخاراً من كوب شاي احتضنته
يرسم في الهواء خيالاتٍ و أطيافاً
هل تتذكرين؟
كيف كنت تتكلمين مع الأطياف الرمادية الساخنة
تهوّنين عليها قسوة الأمطار
ثم تضحكين للأمطار ساخرة من الأطياف
و ترسلين للهواء إيماءات
و ترسمين للّقاء سيناريوهات
هل تذكرين؟
كيف كنت تلمحين طاولة الدروس من بعيد
فتتظاهرين بأنها طاولة اجتماعاتك المهمّة
و تومئين للذين ينتظرون بالداخل أنك
بعد قليل ستأتين
و لكنّك سرعان ما تفيقين
على صوت المعلّمة يذكّرك منذ أول الصباح
بأن ترسمي خريطة للوطن و تلوّنيها
و أن تحفظي ثرواته و توزّعيها
و لكن ليس هذا وطنك لترسميه و تحفظيه
فوطنك المفترض في شهادة ميلادك
طلبت منك المعلّمة أن تسبّيه
و عندما تتذكرين
ترسلين لأطياف كوب الشاي نفخة باردة
و تنهزمين أمام ضوء غرفتك البعيد
و تتساءلين
بماذا ألوّن وطناً ليس وطني؟
و ماذا أقول للخيالات التي تنتظرني بالغرفة لأؤجل الاجتماع؟
و تتمنّين
ألا تطلب منك المعلمّة البحث في قاموس الشتائم من جديد
من أجل الوطن الذي لا تعرفين
و لكنّك إليه تنتمين

حلم

فجأة تذكّرت
كيف ربّت الحلم على كتفيها
و ابتسم
تذكّرت كيف نشر الحلم شراعاً
ليأخذها في رحلة مجنونة مليئة بأقواس قزح
و كيف احتضنت النسيم المنعش البارد الحزين
الذي كان يداعب روحها التي كادت تختنق من ضوء النهار
تذكّرت كيف زارها الحلم مرّات و مرّات
و كيف احتوته في أصعب اللحظات
و كيف كان يكافئها كل مرة بلمسات ريشة ملوّنة بالفرح
و أحياناً بالألم
و كيف كان الحلم يمر في لحظات، و كيف كانت كل لحظة عمراً كاملاً
و لقد حارت في تفسير الحلم
فهل أقواس قزح هي الأمل البعيد سيقترب؟
أم هي مجرّد خطوط مموّهة ملوّنة خلو من المعاني؟
كانت الكلمات في الحلم هي السر المقدّس
لقد تذكّرت حتى ألوان الكلمات
موسيقى النبرات في الحماس، و في النشوة
و دهشة الحلم من أن عقلها يعمل و هو نائم
و خشوع الحلم عندما سجدت تقبّل الأرض في تبتّل
و لهفة الحلم حينما امتدّت يداها بدعاء خافت مرتجف
بألا ينتهي بإشراق الصباح
و لكن أبت الشمس إلا أن تقتحم الخلوة المقدّسة
و تهتك الستار الأحمر المخملي العابق برائحة الماضي
ليبدّد الشروق قوس قزح
و لطالما كانت تتشاءم من ضوء الشمس
لأنه في وعيها يحمل معه الضجيج و الصراع و العرق
لأنه الحقيقة التي لا تعترف بالأحلام
لأن ضوء الشمس يجعلها وحيدة
و يجبرها على أن تدخل في الصراع
و تسخر و تطمح و تقتحم

Sunday, November 8, 2009

كسور روح متعبة

تمشي فيشير الناس إليها في تعجّب
لماذا و كيف تسير و ذلك الشيء مغروز في قلبها؟
ينظرون إلى عينيها باحثين عن أمارات حياة تنبض
فيجدون أحياناً الفراغ المتبلّد
و أحياناً تنظر إليهم و تفاجأهم بضحكة مغتصبة
تختبئ وراءها غصّة مستوطنة تطبق على أنفاسها
فتعضّ عليها بالتجلّد
تفتح عينيها على مصراعيها حتى لا تجد الدموع مهداً فتتجسّد
لتتحول إلى كيانٍ متهاوٍ
تخاطبهم عيناها بأنها لا تزال قادرة على أن ترفع رأسها
و لكنها وحدها تعرف
أن رأسها مرفوعة فقط حتى لا تتساقط كسور روحها على الأرض
تمشي و تمشي و تصطكّ ركبتاها وهَناً
كم يبدو التهاوي راحة جميلة مستحيلة
تمعن في الغباء فتضرب على يديها إن امتدّتا تسحبان ذلك الشيء المغروز فيها
لأنها لا تحب منظر الدماء
و تستعذب الألم الممضّ و الخيالات البائسة المريضة
و النظرات المشفقة الساخرة
و لكنها استنفذت كل الخيالات و الآلام
و أتعبتها ململات الشفقة التي بدأت تسأم و لا ترحم
ستحاول أن تنفرد بعقلها المكدود الليلة
لتحاول أن ترسل الألم إلى نوم عميق
و تطرد الخيالات إلى بلد بعيد
و ترسم الصورة الوردية الحمقاء
كما قالت أم كلثوم مرّة
أنها ستعيش في المستقبل الآن بأشواق اللقاء

Tuesday, October 6, 2009

أحلى بلد بلدي، أشجع ولد ولدي، يا مصر يا عمري، يا بسمتي و فجري

كنت أركب سيارة الأجرة عندما مرّت بجانب فرقة عسكرية تستعد للعزف احتفالا بذكرى حرب أكتوبر، فقال السائق: و الله العظيم احنا ما نستاهل نصر أكتوبر ده، الرجالة اللي ماتوا دول ماتوا هدر! و أمّن على كلامه راكب آخر في السيارة. لم أعتدّ بالكلام كثيرا، و لكني لمّا عدت و فكرت راعتني الجملة التي قالها السائق بكل حرارة. هل مات أولئك الأبطال هدرا؟ ألم تعد سيناء؟ و ماذا فعلنا بها؟ و ماذا فعلنا بأنفسنا؟ إن الجيل الموجود الآن قد لا يستحق هذا النصر، فكما قال عمرو أديب هم يهتمون أكثر بعيد ميلاد عمرو دياب! ما هذه السخافة في التفكير؟! لا، ليس كل الجيل هكذا، فلقد تعاملت أثناء عملي بالتدريس الجامعي مع شباب و فتيات ممتلئين بالذكاء و الحماس للعلم و العمل، و لكنهم يفاجئون بالاحباط من أقرب الناس إاليهم: من أهلهم، من مدرسيهم، من زملائهم، و منهم من لا يستسلم و يستمر، و منهم من يهرب الى الخارج. و لكنني أعرف أن الخامات الممتازة ما تزال تنبت في هذه الأرض، و لكن ما الذي يجعلنا نستحق النصر الذي أهداه لنا أناس حاربوا في ظل فقر الموارد و غنى الأفكار و الوطنية؟ أن نكون نحن أيضا أغنياء بأفكارنا و وطنيتنا و انتمائنا. يقول الكثيرون نحن لا نجد عملا، و أنا أقول أن من يبحث بجد سيجد عملا، و أن الانسان الطموح سيكبر و يصل الى طموحه حتى و ان بدأ بأعمال بسيطة. لقد عرفت أناسا لديهم هذه الشعلة من الطموح، عملوا و هم طلاب في المطاعم و الفنادق و استذكروا في كليات من القمة و اجتهدوا حتى أصبحوا يعملون الآن في شركات عالمية و مناصب مرموقة، لماذا يصل مثل هؤلاء؟ لأنهم و هم يعملون بالعمل البسيط و يستذكرون، لا ينسون الهدف العظيم الذي وضعوه لأنفسهم، و لا ينون عن السعي له بكل قوة و اصرار، و لا يتنازلون عن حقوقهم و يدافعون عنها بالذكاء و الحيلة أحيانا و الشراسة أحيانا. هؤلاء لم يعملوا في المهن البسيطة و هم ينظرون تحت أقدامهم و يعدّون القروش التي تقع في أيديهم، بل أبقوا رؤوسهم عالية الى الأمام يستلهمون من أهدافهم الكبيرة عزيمة على الاستمرار و رغبة في التغيير و عدم الرضا بالبسيط من الهمّة و الهدف. أنا لا أرى هذه الهمّة و العزيمة كثيرا اليوم، و أرى الكثير من الضمور و التواكل و البكاء و الرغبة في البقاء في أحضان الأهل و البيت و القهوة و الأصحاب و الحصول على نعيم الحياة بسرعة. أين أمر الله بالسعي؟ أين الضرب في الأرض مع البقاء على الانتماء؟ إن الشجرة السامقة لا تخشى أن تمدّ فروعها الى عنان السماء و فوق الأسوار و الحواجز، و لكنها لا تنمو بهذه الجرءة إلا لأن لها جذورا قوية تضرب في أعماق الأرض و لا تتزحزح. ما أراه الآن هو بعض فروع تنمو بلا هدف و لا جذور، و بعض جذور باهتة جرداء كسلت عن أن تمتدّ في الأرض و تأخذ ما تستطيع من الغذاء لتقوى على امداد الشجرة بما يتيح لها النمو و الازدهار. و سيقول قائل " اذا كانت الأرض قاحلة فكيف ستنمو الشجرة قوية؟" و سأقول إن الله هو الرزاق، و أن الأرض في ذاتها لا ترزق، و انما ترتمي البذرة في أحضانها و هي عازمة على النمو، و يرعاها الله بعنايته ان كانت بذرة صالحة ستثمر في المستقبل. البذرة تفعل ما عليها و الأرض تفعل ما عليها و لا يصح إلا الصحيح
ربما نحن لا نستحق ذكرى الانتصار اليوم، و لكننا نستحق أن تبقى ماثلة أمامنا لعلّنا نبدأ في الإفاقة من الوهم و التواكل الذي نعيش فيه، إن هؤلاء الأبطال حققوا معادلة بسيطة: فقر موارد + أفكار خلاقة و غير تقليدية + ارادة و عزيمة حديدية + ايمان قوي بالله و الوطن + اعتماد على الله في النصر، و استطاعوا أن "يفعلوها"، و نحن لا نرى في المعادلة إلا فقر الموارد لنندب و نبكي بينما باقي عوامل المعادلة في عقولنا و قلوبنا ان أردنا أن "نفعلها" حقا

A day with friends

This Monday was an exceptional day, because I had the chance to spend it with all three of my friends, although on separate intervals because these friends have little in common. In the morning, I met Amira for a private matter, and we had the chance to talk for about half an hour or so. Amira is the only one I can talk with about my ambitions and find a listening mind, because we shared those ambitions and still think about them. She's also one of the lucky few who had an equal share of happiness and sadness in their lives, not the monotonic satisfaction or depression, but true sadness and true happiness. I told her how I feel about the subject we were meeting to deal with, and I discovered that I lost faith in lots of good things in life. I preferred to find safety in avoidance than taking chances, because I took so many chances and they brought nothing but brief contentment and enduring pain. She's blissfully happy with her life, although she criticizes her performance in the practical field of her life, which was her ultimate ambition. But that shows you how some unexpected things can bring you ultimate happiness because they carry with them a beautiful sharing and companionship, even though we presume that our happiness is bound to our own mental image and plans.
In the afternoon I met Walaa, and I will admit that lately our meetings have grown more scarce, because of my unwillingness to come to Mansoura and the gloomy tone that took over our conversations. But this day she was on a moderate tone because she was bringing some excitement to her life again, and I told her what was new news for me, and we had a nice time talking about how stupid some people are. I was urging her to free herself of the restrictions her family imposed on her, not because I want her to be totally free, but because I find that placing such harsh restrictions on a woman who's beginning her thirties is ridiculous! She can't buy her own clothes for God's Sake! I seriously thought that was a major part of her unhappiness; the suffocating rules and norms she has to endure, and I told her so, but she has no rebellion in her guts. I pray that she has any sort of breakthrough in her life so that she can find the peace of mind she deserves.
I went home to find my friend Omneya calling me to tell me to come over, I was so tired and sleep-deprived, but I never wasted the chance to meet her because those were few chances due to her married life of domestic and social commitments. We spent the time playing with her two beautiful kids, and talking in between breaks. Sometimes our talks take a flat line because of her exhaustion and her kids' demands, but we always manage to talk about something deep. I can see a live example of marital and domestic life with all its pros and cons in front of me, and she manages to remind me that my situation isn't all that awful, and there are advantages to being free of social ties. I began to agree lately, because when I talked with mother once about something a man said to me in a marriage meeting "You seem to be a very strong woman!" She said: Why not? Men don't like strong women, and women should play it right and act the demure type men seem to prefer. I said: I will never act anything for a man, and I couldn't find a man who deserved toning down my strength. I don't want a man who's afraid of my strength, although I can call it more accurately "my passion about my convictions." I want a man who CAN conquer this strength with his confidence that it's a good thing. He then can depend on me if need call for it. She laughed at my stupidness, and I bet in her mind she said "You'll never find that!" But that conversation made me appreciate what my friend told me about my freedom and how it's precious now that I have it.

Saturday, October 3, 2009

في شارع المعز

كانت هذه "الرحلة" على غير انتظار و ترتيب، و ترددت كثيرا لأسباب شخصية لا أستطيع البوح بها، و لكني في النهاية قلت: و لم لا؟ سأصلي ركعتين في الحسين و أمشي في الخان قليلا لعلّي أمسك بطيف من باب قديم. و ذهبت و صليت العشاء في الحسين، و دعوت كثيرا الى الله أن يفرج الكرب عني و عن أحبتي، ثم دخلت المقام لأقرأ الفاتحة، و رأيت النساء يتمسّحن بالمقام باكيات راجيات أن يشفع لهنّ الحسين عند الله، و عرفت في قرارة نفسي أن الناس لا تفعل ذلك كفرا أو اعتقادا بأن الله يجعل بيننا و بينه شفعاء و وسطاء، و لكن لأن الناس تخشى و تخجل من أن تتحدث مع الله مباشرة، إنها رهبة بدائية لا تتضاءل مهما قال العلماء أن ليس بيننا و بين الله حجاب. خرجت و كلّي أمل أن يستجيب الله دعائي لأنني تجرأت و حدثته كصديق، و حمدت الله كثيرا أنني "مستورة" لا أقف في الشوارع أسعى لرزقي و لا أبيت ليلتي فيها. دخلت الى الخان، و راعني الركود في حركة البيع، و كأن الأجانب لم يعودوا يريدون منّا تذكارا ملموسا، فالكاميرا الرقمية أتاحت للجميع أن يأخذ الذكرى على رقاقات الكترونية. سرت حتى وصلت الى سوق الذهب، ثم لفت نظري جامع في نهاية الشارع، فسرت أتبع أنواره، و وجدتني أسير في شارع ليس بالمتسع و لا بالضيق. نظرت الى الجامع فوقر في صدري أنني في المعزّ لدين الله الفاطمي، و لكنني أردت أن أتأكد، فبحثت بعيني و قلبي عن يافطة زرقاء، و لمّا تأكدت أنني فعلا في المعزّ، وددت ساعتها لو أنني أستطيع أن أتقافز كالطفلة التي جاءتها أجمل لعبة على غير انتظار. لقد قرأت كل مقالات جمال الغيطاني في جريدة المصري اليوم في رمضان، و لكم وددت لو أنني عندما أزور الجمالية أن يأخذني بيده ليريني تاريخ كل حجر في ذلك الحيّ العريق، و لكن ما العمل الآن و أنا في الشارع فعلا؟ فلأبدأ رحلتي بنفسي، فمن المؤكد أنه بدأ رحلته بنفسه، و أعادها مئات المرات كي يتشرب المكان و يحكيه لنا تاريخا. بدأت أسير خطوة و أتوقف خطوة، ففي كل حجر حكاية، و على كل مبنى اسم عريق ساحر في غموضه أحيانا و علم في شهرته أحيانا، و كنت أبكي و أبتسم معا، فمع كل أثر جديد تقع عليه عيناي كنت أودّع أثرا قبله، و لكم وددت لو أني ذرعت الشارع في هذه الليلة ذهابا و إيابا حتى يملّ منّي. انظروا! هذا هو الدرب الأصفر! و هذا بيت السحيمي! و هذه عطفة! و تلك حارة! و ذلك زقاق! و الجوامع و المدارس و السبل تتلألأ بنور خافت و سمت صامت كأنها رضيت بأن تقبع في أماكنها شاهدة على عصور متعاقبة من السلطة و القهر و التباهي و النصر و الهزيمة و المؤامرات. و لكن ذهبت تلك العصور، و بقيت الأماكن صامتة تحكي بأحجارها الأحداث، و تاهت الأغراض التي بنيت من أجلها تلك المباني في الزمن، و بقي الجامع جامعا للصلاة، و المدرسة مدرسة للعلم، و السبيل سبيلا لنجدة الملهوف و المسافر. بدأت معالم الشارع تهدأ، لا جوامع و لا سبل و لا كتاتيب، و قربت الساعة من منتصف الليل، فعدت أدراجي ألقي النظرة الأخيرة على ما كنت ودّعت منذ قليل، و عند الجامع الأزهر التقطت صورتي الأخيرة و انطلقت بعيدا عن المكان. عندما عدت للمنزل و راجعت ما كتب عن شارع المعزّ، عرفت أنني لو كنت استمررت في السير كنت وصلت الى باب الفتوح، و لو كنت سرت في الاتجاه الآخر بعد الجامع الأزهر لكنت وصلت الى باب زويلة، و لكن تلك زيارة أخرى، و آمل أن تكون قريبا

Tuesday, September 29, 2009

The pearl and the coffee pot

She went down the street, looking for a specific shop that was known for making pearls. When she finally found it, she went in there. It was a small shop, with its owner standing there with a welcoming smile. "What do you want?" He asked her, and she told him she wanted a white pearl; they told her he's the only one who can make a pearl for her. He said "But I'm out of pearls!" The answer made her frantic. "What should I do? How can get a pearl?" He said "I can tell you how to make one on your own, I will give you a pot of coffee, and when you get home, you just make a usual cup of coffee in that pot, and keep stirring, in time you'll find a whitish ball forming inside the pot, and that would be your pearl. Be careful though, because if you take the pearl out of the pot before it's time the pearl will dissipate into sugar! And be ware that this pot makes only one pearl!" So she took the pot with a pleased smile, and headed home to follow the recipe. She kept stirring the coffee in the pot, and gradually felt the formation of a ball inside the pot. She was so pleased with the results, but she wondered "When was the right time to take the pearl out without it turning into sugar?!" She forgot to ask about the one crucial step that would get her her pearl! She hesitated a little bit, then she shrugged and said to herself "I'll try my luck!" And with that thought she carefully took the ball with the teaspoon out of the pot for a quick peak. There it was, a whitish ball that sparkled in the light. She was so pleased with the result that she didn't care the ball wasn't a perfect sphere, and she kept taking the ball out of the pot and returning it back in. She had her pearl it seamed, though anyone looking from a distance would think "Sugar too can form itself into an imperfect sphere, and it too has a sparkle in the light!" They said no one knew for sure if that was indeed a pearl, but to her it was the most beautiful of pearls.

لقطات من طفولة لا تتعلم

أمسكت بكراسة زميلتها التي طلبت منها أن تكتب حرف الراء بدلا منها، لم تعد تتذكر لماذا لم تفعل زميلتها ذلك بنفسها، كل ما تذكره هو أنها تاقت لفرصة كي تكوّن صداقة في هذا العالم الغريب. تركت كراستها جانبا لتبدأ الكتابة لصديقتها، و لكن مدرّسة الفصل أمسكتها بالجرم المشهود. قالت: لم تركت واجبك و هرعت لتساعدي المهملين؟ عقابك أن تكتبي حرف الراء ثلاث صفحات بدلا من صفحة واحدة، و اياك أن لا تلحقي بزملائك في واجب الغد مهما تطلب الأمر. و هكذا بقيت الفتاة بعد انتهاء اليوم الدراسي تكب حرف الراء لنفسها ملء صفحة، ثم باقي الصفحات، و قد وعت الدرس جيدا "إن تلك الزميلة لم تتأخر في الواجب مثل ما فعلت. منذ الآن لن ألتفت لأحد في قاعات الامتحان كي أعطيه معلومة بالغش." و منذ ذلك الوقت أتقنت حرف الراء، و قررت أن الآخرين لا بد أن يستغلوا المغفلين الراغبين في صك القبول، و أنها لن تساعد غشاشا مهما كان صديقا، و لن تكون مغفلة بعد اليوم
كان عمرها في ذلك الوقت ست سنوات

---------------------------------------------------

نظرت اليها صديقتها بعد أن تركتها خارج اللعبة لتلعب مع الفتيات القادمات من الخارج و قالت: لا تضعي يديك الاثنتين على خديك، فهذا يعني أنك يتيمة
يومها نظرت الى تلك الصديقة نظرة متعجبة، و قالت لنفسها "أنا بالفعل يتيمة، و ما فائدة الوالدين ان لم أحتم بهما من جرح في إصبعي؟ و ما فائدة الوالدين ان لم يكن لديهما ضمادة لجرح غربتي؟ و ما فائدة الوالدين إن أنا احتميت وراء باب بيتي لأجد ذلك الباب الخشبي المتهالك أول الخائنين لستري؟" و لكنها نظرت الى تلك الصديقة و قالت: معك حق، فيداي هاتان لن تمسّا وجهي بعد اليوم إلا لتلطمه ان غفل عن خبايا الناس، و سأضعهما دوما أمامي لأتلمس طريقي في ظلمة نفسي، و سأضرب عليهما اذا هربتا وراء ظهري، و سأذهب لألعب مع آخرين
كان عمرها في ذلك الوقت تسع سنوات

----------------------------------------------------

وقفت تعمل في الصحيفة المدرسية بدلا من الأخريتين، فقد كان لا بد للصحيفة أن تنتهي اليوم، أخذت الفتاتان تجريان طولا و عرضا، تتقافزان مرحا، بينما عملت هي بيديها و قدميها، ثم وجدت الفتاتان أن الجري ليس مرحا، فأخذتا تضربانها على ظهرها و هما تجريان طولا و عرضا. كتمت دموع القهر كيفما استطاعت، و لكن ما هرب منها شهق بصوت مسموع، فتوقفت الفتاتان و سألتا: هل ضايقناك؟ ردت: كلا، تذكرت أختي المريضة، فتأثرت. و قهرت صوت الدموع بقسوة قائلة لنفسها "لن تبكي بعد اليوم على أحد، و لن تحبي بعد اليوم أحدا، لا أحد يستحق، لا صديق يستحق" و قررت منذ ذلك اليوم أن تعمل وحدها
كانت يومها في الثانية عشر من عمرها

----------------------------------------------------

وقفت أمام المدرّسة تتلقى لطمة مدوية، حبست دموعها و لم تلم إلا نفسها "بدل أن تطلقي العنان لغضبك كي يكيل لك اللطمات، أطلقيه وراء ظهورهم، و في وجوههم لا تكشفي الا ابتسامات صفراء، فأمثال هؤلاء لا يستحقون أن يروا منك صدقا، انهم يستحقون أن يروا منك ظهرا" و اعتذرت، و استدارت لترى طابور الصباح يدخل الفصول، فسارت و هي ترفع رأسها أعلى مما كانت تفعل في المعتاد، و أجبرت حرقة خدها أن تخمد مع دموعها، و نظرت الى العالم بتحدّ، فلن ينال منها بعد اليوم
كانت حينها في الخامسة عشر من عمرها

-----------------------------------------------------

عادت الى المنزل مع والدها بعد أن انتهت تلك الأزمة التي كادت تودي بها، دخل الأب لينام، فسألته: ألن تعاقبني؟ قال: لقد تلقيت عقابك كاملا اليوم، و أنا أريد أن أنام. دخلت الى غرفة الدراسة و جلست على المكتب، فتحت الكتب، فالامتحان النهائي بعد أسبوع، و بدأت تستذكر دروسها بكل هدوء و تركيز. نجحت بتفوق بدون دروس خصوصية، و فشلت الآخريات ممّن كانوا سببا في أزمتها، و عندما بدأت الدراسة، قالت لنفسها " سأرفع رأسي عاليا، سأستغني عن الآخرين، سأبقى بمفردي أواجه العالم، و سأضحك ليعلموا أنهم لم ينالوا من كبريائي" و منذ ذلك اليوم وهم يطلبون ودها، و وافقت و في نفسها أنها لن تمنح الأمان لأحد بعد اليوم، و لن تنسى الاساءة بعد اليوم، و لن تعد بألا تشمت عندما ترى انتقام الله مثلما فعل أمير الانتقام
كانت وقتها في الثامنة عشر من عمرها

Monday, September 28, 2009

بقايا أوراق

تجلس في ذلك المكان الموحش
تلتحف بأوراق الخريف التي تتفتت تحت آلامها
تقرمش، و لا تسد رمق الحنين
تتطاير فلا تحميها من الليل البارد
قد كانت الشمس مشرقة منذ وقت
و كانت الأرض دافئة مرحّبة تحت قدميها
و كان النسيم يخفق روائح زكيّة من المطر الصيفي بين جنبيها
كان الطريق مليئا بالرمال، تغوص فيها بين الحين و الحين
و لكنها كانت تطير فوق الرمال أكثر الأحيان
تعانق وقت العصاري مع ضحكات الشمس الحانية
و لكن الليل أقبل و هي تقف وحيدة
لم يبق لها الا تلك الأوراق التي لا تطرد وحشة البرد
تجمع منها حول قلبها ما استطاعت
و المكان الموحش لا يرحم
يضربها برياح تحمل معها تلك الأوراق بعيدا
فلا يبقى لها الا أن تستسلم
تقبض في كفيها بقايا وريقات
تقرمش و لكنها لا تسد رمق الحنين
و لكن ملمسها الخشن المؤلم يشعرها بالحياة
و يدخل في قلبها لحظات من الدفء الحزين
و من تلك الوريقات ستعرف متى تموت
حين ترتخي يداها فتستلم البقايا لهدهدة الرمال

If only she could...

She wanted to expel him today from her morning coffee...
She wanted to drink her coffee without a face...
Maybe the taste won't be that bittersweet...
Maybe the newspaper won't be the undefined blur of a distant beautiful morning...
When that face brought the smile that hurt, but still tasted full of sunshine and breeze...
She wanted to miss the ache that wrenched her heart, but all the same made it flutter in waves of a beautiful love song...
She wanted to drink her morning coffee without the taste of him in her heart...
She wanted to not know the feeling of being alive...
She just wanted to drink a bland coffee, a bland life...
If only she could...

-----------------------------------------------------------------------------

Her hands hugged the keypad and the pencil...
Hoping that maybe her heart would come out running...
Hoping that the pain can go away with her strokes...
But her hands kept hovering, and the pencil kept drawing a face with no eyes...
Her heart was so afraid that the feelings won't come out right...
Her heart was afraid that the sacred fire would be distinguished...
Her heart feared that a cheap match would take a glimpse of her tears...
But still, her hands kept holding the pencil, and the keypad...
Maybe the pain would go away and hide between the folds of her diary...
Until she calls it again, many years after, in hopes that it would seize to be...
But her hands just hovered in the air...
If only she could...

-----------------------------------------------------------------------------

A tremble went down her heart...
That image didn't want to go away...
Those voices didn't want to dissipate...
The smallest things haunted her...
She was so solemn today, trying to chase away the dreams and the memories...
But every corner reminded her...
Every character on her TV reminded her...
Every name said and called reminded her...
Small labels of shining silver on her disk reminded her...
Written promises and sent wishes reminded her...
It was as if the story was written inside her eyes, so that whenever she looks she sees...
It was as if the story was engraved in her ears so that whenever she listens, she hears...
No, it wasn't just her heart that assailed her...
Every part of her held her sacred memories...
She shuts her eyes, holds her hands to her ears, squeezes her arms around her thoughts...
But then her heart keeps screaming: Let me breath...
For these memories are the blood that keeps me alive...
So she surrenders, puts her hands down, puts her arms down...
But she also puts her hopes down, and lets her tears down...
She lets her heart feed on her pain, so it breaks, but repairs itself again...
Because it wants to live for the memories over and over again...
If only she could...

Saturday, September 26, 2009

Bad coincidence!

This Ramadan; my birth month, which coincided with August; also my birth month, was supposed to be a great coincidence and a great opportunity for me to set a new phase of my life. I turned thirty one; supposedly the first year of a great decade for any woman, because I believe the twenties is the decade when you're stupid and you don't "comprehend" and "acknowledge" what you're doing with your life. Only when thirty hits that you begin to be more mature and can take a distant look at yourself and your actions. I didn't mind the concept that thirties is the beginning of the end for a woman, because I was always someone who counted the years to her forties "I'm getting older sister! I'm twenty, and I have just twenty years left before I get forty!!!" And a lot of people thought this sentence was the most stupid thing they've ever heard. For me it was all time, there were no milestones to feel good about myself, because life sucked in general and with no time limit! I was never someone who wore rosy glasses and stared at the half full glass of water, for me it was always dark, and the glass had water! It wasn't the most impressive drink on the planet!
I don't know why on my thirty's birthday I thought things may get a bit interesting, maybe because of this whole new angle I can see myself with, and I totally bought the idea that a woman in her thirties is "a woman." She's not a girl anymore, she's not naive anymore, and that was totally true for me. The new angle I can see myself from is that now I can; I can be independent if I choose to, I can be more beautiful if I choose to, and I can do whatever the hell I want if I choose to. But then I thought back "But you always were all these possibilities! You always knew you weren't like the other girls who can't be!" But it's OK, the realization cam anyway, and I thought that this year, this August, this Ramadan, I'd be a whole new woman, and life would be a whole new space of colors and good events.
But sadly, I was hit by two people who are close to me, I was hit so hard my head is still spinning out of my control, and the day which was supposed to be a beautiful birthday and was laid with plans for celebration by the holy month and the birthday turned out to be the precursor to one of the worst months I've had in a long long time! It made me wonder, is it possible for the best decade of your life to start this bad?! Is it possible that the beautiful autumn season begins with a gloomy day?!
Well, we'll see next year same time as now!

It was beyond my control

It's amazing how people who are supposed to care for us bring us down with their cruelty! We can have nothing but good wishes and pure feelings for them, and yet they manage to twist all that in our faces and cut us deep with vicious words and even more vicious acts. The funny thing is; we can't hate them, we can't denounce them, we can't hurt them back, and we can't turn our backs to them and say "No more!" because we're bound by sacred bonds and vows.
I tried once to denounce a man I should have cared for; my father. Reasons for the rift don't matter; it's enough for me I know in my heart I couldn't have forced myself to do better and I had excuses. The problem was I had divine instructions that I shouldn't alienate myself from him, and as God is my witness, I tried! I talked to myself in my loneliness, I talked to myself on my diary, and I talked to God and asked him to forgive my total and utter inability to be good to my father. My father, without intending to, made me love things that I now take pride for loving, but he also made me hate life with him, and hate myself for my deep differences with him. Parents shouldn't be hated like that, parents shouldn't bring such aggressive feeling from their kids, yet my father did.
I punished myself over and over after his death, I tried to redeem my actions by being overly good to my mother, and yet I kept feeling that nothing will wash away the bad things we did and said to each other. This has been going on for seven long years; with no day passing by without me thinking this whole thing thoroughly in my heart and mind. Only this year I began to think about this more calmly after my old diaries resurfaced. I wrote about days that were especially bad, and I wrote about the day he died. I could have included both sorts of entries here to illuminate the acute and different feelings I had in both situations, but it would have been too severe, because even I who wrote these things couldn't stand it. The conclusion of my thoughts was this: If he was still alive I would have toned down my reactions, but things would still be bad, because the problem was with his performance as a father, not with differences that we can see among all families; differences that go away with reason. Maybe I was young and didn't understand the gravity of my furious reactions, but his actions were inexcusable under any circumstances. The bottom line for me was I can now say "Please God forgive me, but you knew what was going on, and you knew I tried hard to be what you asked me to be, but his actions were beyond my control."

Thursday, September 17, 2009

العودة الى النفس

دخلت الى الغرفة كأنها تراها لأول مرة، و داعبت أنفاسها رائحة السكون؛ نعم، عندما تسكن الأشياء تصبح لها رائحة هي مزيج من التراب و الهجران. فتحت أدراجها و دولابها لتخرج تلك الرائحة، ليس لأنها لا تحبها، فهي رائحة السفر و الاغتراب، و لكن لأنها فجأة صارت لا تطيق السكون. تريد أن تعيث أشعة الشمس فسادا في غرفتها، تريد أن تغرق الغرفة في طوفان من الضوضاء. لقد أمضت سنين طويلة تبحر في بحر هائج الأمواج، يظلم حينا و يشرق حينا، أحيانا كانت زرقته تغمرها بالحب، بالضحكات التي تؤلم قدر ما تبهج. و كثيرا ما أطبق عليها لونه الرمادي حتى لتكاد تشعر بخنجر ينفذ الى الأعماق، و لكنها ما جرؤت أبدا حتى الآن على أن تسحب ذلك الخنجر منها، قالت في نفسها "مكان هذا الخنجر هو أنا، و ألم هذا الخنجر أفضل، و الموت اذا سحبته سيكون بطيئا، مريعا، غارقا في الدماء." و طوال ذلك الوقت الذي أمضته تحارب الأمواج المتلاطمة حينا و المتصالحة حينا، كانت لا تعرف إلا أن تحرك ذراعيها، رغم أنها لم تعرف كيف تعوم، و كانت تخاف أن تغفل فتغرق و تبتلعها الأعماق. و لكن في ليلة مظلمة منهكة، استسلمت، توقفت ذراعاها عن سباقهما المحموم، و تمددتا على جانبيها بلا حياة. خيل لها أنها تغرق، و خيل لها أنها ما زالت طافية، فتركت أنفاسها للهواء أو للماء أيهما يأتي، و أغمضت عينيها لتنعم بلحظة من اليأس قبل النهاية، و لكنها فجأة وجدت نفسها تمشي على الماء، تتعثر بالأمواج و تسقط، فتقوم لتمشي ثانية. قادتها قدماها للغرفة، و ها هي الآن، تستمع لأصوات السكون التي تصيبها بالجنون. إنها تريد أن تسمع هدير الأمواج، و صوت النوارس، و اللطمات التي تنال منها، و لكن البحر أصبح بعيدا، أصبح صندوقا بمفتاح نحاسي عتيق. وضعت الصندوق على طاولة في الغرفة، و أمسكت بالمفتاح لتدسه بين جنبات قلبها و جرح الخنجر، و سارت الى الشباك لتفتح لشعاع الشمس منفذا، علّ ذلك القبس يلقي بنوره عليها و على الصندوق، فلا يعود صدئا قديما، بل يبرق بأنوار الشمس، و يضج بأصوات الشمس، و يطرد رائحة السكون، و صوت السكون، و كآبة السكون
لقد عادت، و انها لتنثر أمنياتها فوق ذلك الشعاع، علّه ينفذ الى الأعماق المظلمة فينيرها، لترى شيئا جميلا بين الركام، و رائحة السكون

Saturday, September 5, 2009

هل يفيد رجائي؟

أتمرغ في تراب الرجاء كل ليلة
فهل يفيد رجائي؟
أرفع وجهي عالياً حتى تؤلمني عيناي
لعل بعضاً من نور السماء يكسوني
فهل يفيد رجائي؟
أهمس بدعوات لا أجرؤ أن أقول فيها كل ما أريد
و أصرخ استكفاءاً و تشبّعاً من كل ما لا أريد
فهل تفيد دعواتي؟
هل تفيد صرخاتي؟
أأصمت و أركع و أصمت؟
أم أناطح نفسي حتى أنزف دما...أملا...حلما...ثم أيضا أصمت؟
أأقهر رجائي أم أعترض و أصرخ؟
و هل يفيد صراخي؟
أجلس أحياناً مطويّة على حلمي
أئن من ألم الشوق الى نور بعيد
أناجي الحلم راجية أن يسمعني و يدعوني اليه
و أستسلم للشجن علّ طُهره يشفع لي
و أشخص لستار الأمطار لعلّ قوساً من الألوان يمتدّ لي
فهل تفيد شجوني؟
أمدّ يدي لعلّي أتلمّس مصيري الذي لا أراه
و عندما أعجزأدفن رأسي لعل القطار يمرّ بلا ألم
و لكن لا قطار يمر...لا أمل يمر...لاشيء يمر
فهل يفيد يأسي؟

لماذا أكتب بالعربية الآن

يسألني البعض: لماذا أكتب بالعربية الآن و قد كنت منذ زمن اتخذت لنفسي نهجاً أعبّر من خلاله عن نفسي و أفكاري باللغة الإنجليزية؟ الحق أنّي أعشق اللغتين، و أحب أن أتعلم فيهما كل جديد و أن أصقل استخدامي لهما باستمرار، و لكن صلتي بالعربية تبدأ منذ زمن بعيد، و هي الأقرب الى قلبي منذ تعلمت من أبي - رحمة الله عليه - القراءة في كتب الفلسفة و علوم الكلام و المنطق منذ كنت في السادسة. كان أول ما "قرأت" في الرابعة كتاب "الوعد الحق" لطه حسين! لم تتعدّ قراءتي تلك النّظر إلى الكلمات و "الخربشة" على الصور الإيضاحية، و لكن بعضاً من مقاطع الكتاب ظلّت عالقة بذاكرتي، كقصّتي خبّاب ابن الأرتّ و عمّار ابن ياسر، و أذكر أنّي احترت سنين طويلة في كيفية نطق اسم الأرتّ هذا، و لم أعلم أن التاء مشدّدة إلا عندما سمعت أحد الممثلين ينطقها في مسلسل ديني. كان أبي مدرّساً للّغة الإنجليزية و المنطق و الفلسفة و علم النّفس (و قد كان هذا يبدو غير منطقي، و لكن الأمر يتضح عندما عرفت أن عمله في ليبيا كان مرناً، و قد كان أبي في الأساس مدرّس علوم اجتماعية، ممّا مكّنه من التشعب عندما لزم الأمر). كان أبي يحضر الكتب المدرسية التي قام بتدريس كل هذه العلوم منها في نهاية كل عام دراسي، و كنت بدوري أنهبها نهباً، فقد كانت حياتنا خالية من اللعب و المتعة و الاختلاط بالأطفال الآخرين. في كل إجازة صيفية، كنت أُخرِج "صندوق" الكتب لأضع برنامجاً لقرائتها يمتدّ طوال الصيف، حتّى و إن كنت لا أفهم شيئا البتّة (و قد قرأت كلمة "البتّة" هذه لأول مرة في إحدى تراجم شكسبير، و لم أفهم معناها حتى بلغت المرحلة الثانوية! و لكنّ رنينها ظلّ في ذهني حتّى عرفت معناها) و قد تعلمت من هوايتي الأثيرة في قراءة ما يحوي "الصندوق" درساً لا يقدّر بثمن: يمكن أن أقرأ نفس الكتب في كل عام، و أجدها في كل عام كتباً مختلفة ذات جدّة تدهشني، لإنّني أقرؤها بعقل جديد و إدراك جديد؛ فقد تعلمتُ خلال ذلك العام كلمات جديدة، و تفتّحتْ لديّ مدارك جديدة. عندما تكشّف لي هذا الإدراك، جعلتُ دَيْدَني مع كلّ كتاب تقع عليه يداي أن أقرأه مرات أخرى في الأعوام التالية، فإنّي لا بدّ سأخلص منه بفهم جديد أكمل ممّا استخلصت في القراءة السابقة. هكذا تعلّمتُ أن أجعل الكتب أصدقائي، و القراءة لعبتي و مصدر معرفتي في هذا العالم، و لم أكن أسأل أبي في ما يستعصي على فهمي، واعتمدت على عقلي وعلى قراءاتي أن يساعد بعضها بعضا.

هكذا نشأ عشقي و صداقتي للّغة العربية، و رسخت في ذاكرتي صفحات من تلك الكتب لا أنساها إلى اليوم، من سيرة المهلهل و "لأقتلنّك بشسع نعل كُليب" إلى أشعار أبي فراس الحمداني و نقاشات ابن سينا و مدارس علم الكلام و قصص طه حسين وعبقرية عمر. و صرتُ كلّما وجدتُ كتابا ملقىً في الشارع (و قد تكرر هذا مرات عديدة لكتب قيمة جداً!) أخذتُه و نفضتُ عنه الرمال، ثمّ عكفتُ على قراءته عاماً بعد عام. و لن أنسى حزني العميق على كتبي تلك التي اضطررت لتركها ورائي عندما قررنا العودة إلى مصر، و لم يتفهّم أهلي وقتها قيمة تلك الكتب عندي. عندما عدت إلى مصر، أخذني الإيقاع الذي لا يرحم للحياة هنا، فنسيتُ الكتب، و إن لم أنس ما انطبع في ذاكرتي منها، ولم أجد هنا إلا مكتبة جدّي لأقرأ منها اليسير كلما تواجدتُ في بيته، و قد كان جدّي محباً للكتب و للّغة العربية، و كان يحب التحدث إليّ بالفصحى في أشرطة الكاسيت التي كانت وسيلة ذلك الزمان في الاتصال بين الأهل، وكم أنفقتُ من الوقت أقرأ خطاباته لوالديّ والتي كانت بلغة فصحى منمقة بديعة، وتمنيتُ لو كانت الفرصة أتيحت لي لأجالسه ونتحدث معاً عن كل تلك الكتب التي قرأتها. من كل هذه الظروف و "الجينات" نشأ عندي احترام لجمال و روعة اللغة العربية لم يذوي حتى الآن.

أمّا أنّي أكتب أكثر باللغة الإنجليزية، فالحق أنّي أشعر بارتياح عندما أكتب بها. ربما يكمن السر في هذا أنّ اللّغة الإنجليزية تمثّل عندي لغة العقل، فلغتي العربية عاطفية، شاعرية، مليئة بالحِكَم و الشجون و الإيمان، أما اللّغة الإنجليزية فهي لغة التحليل و التفكير و المنطق و العلم؛ هي لغة العلم الذي تخصصت فيه. و لكن السبب الأقوى في ظنّي هو أنّ العربية لغة نفسي؛ عندما أتحدث أو أكتب بالعربية فأنا أسبِر أغوار نفسي و أكشفها للجميع، بينما اللغة الإنجليزية تجيد تمكيني من إخفاء نفسي عن الناس وراء ستار من قلة ذرعهم بقراءتها. من الممكن أن تكون العودة للكتابة بالعربية توقاً مني في هذه المرحلة من حياتي لأن أكشف نفسي وأكاشفها، و ربما اشتقتُ إلى كتبي الحبيبة فأردتُ أن أذكّر نفسي بها، و لكن يبقى للّغتين عندي مكانة عظيمة، و لا تتفوق لغتي الأم الا في أنها لغة لا تمر على مترجم في عقلي، فهي من القلب للعقل.

Tuesday, September 1, 2009

أحب أن أبدأ الأشياء بالعكس

أحب أن أبدأ الأشياء بالعكس
أقرأ المجلات من نهاياتها
أقرأ نهاية القصص قبل أن أشرع فيها
أبحث عن قصص الأفلام و حبكاتها قبل أن أشاهدها
و أحب أن أبدأ يومي بالعكس
أحلم ثم أغسل أحلامي عن وجهي ثم أنام
و أفعل التافه من الأمور قبل الأهم
أنسق صفحة من رسالتي قبل أن أتم الرسالة كلها

أحب أن أعرف النهاية قبل أن أعيش الحبكة
و كم يكون بديعا لو شققت ستار الغيب لأعرف ما مصيري
حتى أحيا بلا مستقبل
حتى أرتاح من توقع الأسوأ أو الأفضل
أحب أن أعرف النهاية
و لن أجزع حينها من أن أحداثا قاسية قد تكون هناك
و انما أحب أن أذعن منذ الآن لتصاريف القدر
لأني لا أتقن الأمل، و لا أحب خيبة الأمل

أشاهد الأحداث و أنا أهدأ بالا عندما أعرف ما النهاية
لأني أحب أن أبدأ الأشياء بالعكس

مختارات

بمن يثق الانسان فيما ينوبه؟ و من أين للحرّ الكريم صحاب؟
إذا الخلّ لم يهجرك إلا ملالة فليس له إلا الفراق عتاب
أبو فراس الحمداني

و ليل كموج البحر أرخى سدوله عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح، و ما الإصباح منك بأمثلِ
امرؤ القيس

و أعلم علم اليوم و الأمس قبله و لكنني عن علم ما في غدٍ عمِ
و من يوفِ لا يُذمَم، و من يُهْدَ قلبه إلى مطمئنّ البر لا يتجمجمِ
و من هاب أسباب المنايا ينلنه و إن يرق أسباب السماء بسلّمِ
و من يجعل المعروف في غير أهله يكن حمده ذماً عليه، و يندمِ
زهير ابن أبي سُلمى

أتقولين أنك تخافين الحب؟
أتخافين نور الشمس؟
أتخافين طلوع الفجر؟
أتخافين مجيء الربيع؟
أنت تعلمين أن القليل من الحب لا يرضيك
و القليل من الحب لا يرضيني
كلانا لا يرضى بالقليل منه
كلانا يحب الكمال
فلماذا تخافين؟
جبران خليل جبران

سآتي الى ظل عينيك
فأنت لي
أنت الحزن...أنت الفرح
أنت جرحي...و قوس قزح
أنت قيدي و حريتي
أنت شمسي التي تنطفيء
أنت ليلي الذي يشتعل
أنت موتي... و أنت حياتي
و سآتي الى ظل عينيك...سآتي
محمود درويش

هل أكتب فوق الماء؟
أم أكتب كلماتي بالنارعلى صفحات الهواء؟
أرجوك لا ترحل...يا من علّمني أول كلمات الحب
هل أكتب فوق الماء؟
كي أخبرك أن رحيلك لا يعني أنك غبت
قد يعني أنك بتّ قمراً يتلألأ فوق الأقمار
و أنا لا أكتب فوق الماء
و لا على صفحات الهواء
بل أنقش كلماتي بالنار
عيناك الساحرتان باقيتان على عينيّ
و يداك تتلألآن فوق يديّ
حتى خطواتي لا تلمس دربا لم تعبره من قبل
فبعدك لا لون و لا طعم و لا شيء قد يعزّيني و يغريني
بعدك لا شيء يواسيني
مازن شريد

أحيانا نظن أن الأشياء جميلة في غموضها، نحسب المستتر بهيّاً في اختبائه، و الغائب مشرقاً في ابتعاده عن العيون. أحيانا نعتقد أن الأشياء التي لم نعشها هي الأروع، و أن اللحظات التي لم نمر بها تخبّئ لنا ما تقوله الأحلام، و أن الأشخاص الذين لم نعرفهم بعد يحملون لنا ساعات من الفرح و الشوق. كم نخدع أنفسنا حين نعتبر أن الآتي من الوقت دائما هو الأجمل، و نفلت من بين أصابعنا هنيهات السعادة الكامنة في أنها أحاطت بنا و تحققت. كم نسلك الطرق الوعرة حين نعتقد أن هناك أحبة قادمين من الغيب، سيمسحون ببسماتهم أتعابنا و سهدنا المرير. كم نكون طائشين حين نغدو الى دروب ليست على التربة، دروب معلقة في وهم الرجاء، فنبقى معلّقين بين واقع و عدم
مريم أبو جودة

أوراق الخريف

أقبل الخريف
ما زال الجو خانقا
و مع ذلك فقد أقبل الخريف
و الخريف حدث لا ينسى بسهولة
الخريف مبعث الشجن و الفراق
وقت أسترجع فيه ذاكرة مستقلة و وقتا بعيدا
وقت العودة من الوطن البعيد للوطن القريب
دائما ما كان يوم العودة ذاك مميزا
لأن أول ما كان يرحب بنا هو أوراق الخريف
تكسو باحة بيتنا، صفراء، جافة
كحياتنا تلك الأيام
و لكن صوت تحطمها تحت أقدامنا و نحن نلملمها
كان دوما مبعث شوق غريب لبداية العام
و كان ايذانا بانتهاء الغربة و بدايتها معاً
دوما ما كان الجو وقتها مكسواً باللون الأصفر
و درجة الحرارة دوما كانت مثالية
ليست بخانقة و لا تبعث الرجفة في النفس
و كان الجو يعبق برائحة رصيف الأسفلت
الذي اشتاق للمطر كي يطفئ حرارته
في مثل هذه الأجواء كنا نعود
تاركين وراءنا مصراً لا نعرفها
ولكننا لا بد أن نحبها و ننتمي اليها
و مقبلين على بلد نحبها
نحب من نحن فيها
و لكنها لا تحبنا
و تتلهف لأن تبعدنا عندما يحين الوقت
و كنت لا أعرف حياة في هذا العالم الا بين أسوار مدرستي
و لذا كانت العودة جميلة
لأنها ايذان بأن أبدأ حياتي من جديد
و كنت أحتضن أوراق الخريف التي كست بيتنا
كما لو كانت مصنوعة من كل نفيس و غال
و كنت باحتضاني لها أجسد شوقي للمكان و الزمان
شوقي لهوية لا أدركها إلا هنا
كنت أضفي على هذه الأوراق أشعارا
آمالا في ما يحمله لي هذا العام
كنت أشعر أن تلك الأوراق هي هويتي
و لكني دوما كنت أودعها
كما ودعت معها هويتي للمرة الأخيرة عندما قررنا أن نذهب الى مصرنا أخيرا
أكان ذهابا أم كان عودة؟
لم أحسم هذا الأمر حتى الآن
و كنت أحيانا أرى في هذه الأوراق رمزا لأيام حياتي
تتساقط بلا رجعة، جافة من دون حب
هي دوما تتساقط
تتكوم على رصيف الماضي
حتى أعود فألملمها لألقي بها بعيدا
و قد أحتفظ ببعض منها بين ثنايا نوتتي
و لكن تبقى رائحة الأوراق الخريفية عابقة في عقلي
كما تبقى الذكريات

ليه يسكن الغروب

كلمات أغنية لعلاء عبد الخالق أحببتها عندما كنت مراهقة

ليه يسكن الغروب
أعز ما جوّانا؟
ليه يسكن القلوب
و في النهار هوانا؟
ليه يسكن الغروب
ليه يسكن القلوب؟

لو شمسنا كانت تغيب
كانت قلوبنا تدفيّنا
و ان تهنا في البلد الغريب
قلوبنا كانت تهدينا
ليه يسكن الغروب
ليه يسكن القلوب؟

كان النهار ساكن قلوب
تعرف تناجي بعضيها
و لا من الأحزان تدوب
و لا البعاد بينسيها
ليه يسكن الغروب
ليه يسكن القلوب؟

Monday, August 31, 2009

هل يمكن أن آخذ قرارا بالبهجة؟

قرار بالبهجة، تعبير سمعته اليوم في مسلسل قانون المراغي، و عبّر بالضبط عن الفكرة أو الأفكار التي ازدحمت في مخيلتي منذ مدة طويلة أثناء سلسلة من الأحداث التي اعتبرها مؤسفة و التي توالت عليّ متشابكة مع بعضها. تركتني هذه الأحداث كئيبة متشائمة (أكثر مما أنا في العادة) و متنكّرة لثوابت و مسلمات كانت محل تقديس و تبتل في ما مضى، و أصبحت كارهة لهذه النفس الجديدة التي تمكّنت مني و استسلمت لها بشيء من الماسوشية حتى أنعم بعض الوقت باحساس الضحية. و لكني تنبّهت أكثر من مرة على صورة في مخيلتي أصبحت فيها أثير السأم في كل من حولي ممن يضطر لسماع شكواي المستمرة و تشكّكاتي المتزايدة، فقررت متضررة بادئ الأمر أن أتوقف عن الكلام مع كل الناس و أن أتكلم أكثر مع نفسي و مع الله، و أعرف هل أنا أستحق ما يحدث؟ و هل هو عقاب؟ و هل هو ابتلاء؟ و لماذا؟ و مما ضاعف في أَرَقِي أني لم أعد أعرف حقا ما أريد من عملي، و هل اذا قررت أن أتبع أهوائي و أعمل فيما أحب سيكون هذا أفضل لي اجتماعيا؟
الخلاصة أني وجدت أنني تحولت الى انسانة غريبة عني و لم أكنها من قبل، و قد ناقشت هذا التحول مع زميل و صديق فقلت له أني كنت أشعر بالسعادة أكثر عندما كنت أعزف الموسيقى و أرسم و أشارك في أنشطة المدرسة، لأن تلك السعادة كانت من صنع يدي و لم تكن مهداة لي من أحد، و لكني عندما عدت لمصر و وجدت أن التعلم فيها ساحة حرب طاحنة لا مجال فيها للتوسع في ممارسة المواهب وجدتني و قد أهملت ذلك الجانب الذي منحني الرضا و السعادة و لجأت بدلا منه للصديقات و الأهل ألتمس فيهم و منهم ما يسدّ النقص في روحي المتوحدة، و بهذا وضعت سعادتي بيدي أسيرة لدى الآخرين، و أصبح أتفه جدال أو خصام مصدر قلق و تعاسة لي. و لكني حاولت أن أعود أدراجي لعهدي السابق، و لكني ظللت أقول لنفسي أن هذا الاختيار معلّق مؤقتا حتى أرى ما ستنتهي اليه الأمور في موضوع سفري، و حينئذ يمكنني أن أبدأ من جديد
ثم سمعت اليوم هذا التعبير "أن آخذ قرارا بالبهجة" رغم الظروف و الأقدار و الناس، و عرفت في نفسي أن هذا ما كنت أقوله لنفسي، ان بامكاني أن أكون سعيدة فقط اذا أردت ذلك و ليس اذا أرادت الظروف و الناس ذلك، و أنا أعرف أن بامكاني ذلك متى أردت و قررت، و لكنه الخوف من تلك القدرة الخارقة على أن تريد فتستطيع، و أن تأمر نفسك أمرا فتجد تنفيذه من أيسر الأشياء. ان النساء بطبيعتهن يحببن الاغراق في التعاسة من آن لآخر، و ان قدرتهن على أن يقرّرن ألا يكنّ تعيسات لهو أمر مخيف لأنه يجعلهن مستقلات عن أي مسببات خارجية للسعادة في ما عدا أنفسهم، و مع ذلك فلا غنى لي عن بعض من الاكتئاب الذي يلهمني بعض الأفكار السوداء حقا حتى يظل دماغي يعمل بكفاءة، و لكن المهم هو أنني سألت نفسي، هل أستطيع أن آخذ هذا القرار بالبهجة رغم كل شيء؟ ان هذا سيجلب معه تفاؤلا، و التفاؤل عادة يجلب خيبة الأمل "أنا متشائمة بالأساس و هذا من مفردات شخصيتي." و لكن أحدا قال قولة مأثورة تحضرني الآن و ترجمتها فيما معناه

في الحياة عادة ما يكون المتشائم مصيبا في توقعاته، و لكن المتفائل ينعم برحلة أكثر مرحا

فهل أجرؤ على السماح لنفسي بألا أنتظر مفردات سعادتي من الآخرين؟ و هل أجرؤ على أن أتوقع الأفضل و يخيب ظني ثم أظل سعيدة بعد ذلك؟ إني أعرف أن عندي القوة التي تمكنّني من هذا، و قد اختبرت قوتي تلك في ظرفين من أحلك الظروف التي يمكن أن تمر بالانسان، و نجحت، اذاً فيمكنني أن آخذ هذا القرار و أقول كما يقول محمد منير: علّي صوتك بالغنا....لسه الأغاني ممكنة

Non, je ne regrette rien

"No, I don't feel sorry,
Not the good things people have done to me,
Not the bad things, it's all the same to me,
It's paid for, removed, forgotten,
I'm happy of the past,

With my memories,
I let up the fire,
My troubles, my pleasures,
I don't need them anymore,
Because my lie, my joys,
Today, they begin with you." Edith Piaf, Non, je ne regrette rien

Today, I watched a movie that shock me to the core, partly from the story, but mostly from the phenomenal performance of the actress; Marion Cotillard. The movie of course is no other than "La vie en rose" which tells - in the always unique French way - the story of the prominent French singer Edith Piaf, whose songs are so well known even here in the Arab world even if they don't know her name.

Edith Piaf

The film tells the story in a unique way and not in a chronological order; but rather it divides her life - which is fairly tragic - into phases of mutiny, fame, happiness, stubbornnesss, and final acceptance. It's much like the life of anyone of us. What amazed me in the movie was the performance of Marion Cotillard, which earned her an Oscar for best actress in a leading role that was the first to be given to a French actress in a French film. That performance was so effortless and so transparent that I couldn't believe this was not Edith Piaf as a young singer who cared for nothing and as an old woman with a broken heart but not a broken spirit.

Marion Cotillard, and as Edith Piaf

The other thing that amazed me, and amazes me still in every biography made in film, is the dedication of the film makers to make the personalities look and feel exactly like the real people they depict, and the hard work put to make the general atmosphere of the movie reminiscent of the period and the mindset the director wants the audience to have. Edith Piaf's life was dark, full of tragic events and utter disregard for what people want from her as a star, yet, the only true and heavenly light in her life was her true love, to which she was loyal even when the appearances said differently. She was so true to the lyrics she sang in "Hymne À L'Amour":

If one day life tears you away from me,
If you die or you might be far away from me,
It matters little to me, if you love me,
Because I will die also,

We will have eternity to ourselves,
In the blue beyond,
In heaven, no more problems,
My love, do you believe that we love each other?

It was a great film to me, it made me feel! All I could wish for then was that her last line in this song is true as well, because this is the noble thing anyone who felt true love could wish for:

God reunites those who love each other!

Saturday, August 29, 2009

نقاشات غير مجدية

تدور بيني و بين صديقتي دوما نقاشات و مشاحنات بسبب انعدام الاثارة في حياتنا، أهاتفها فأسألها
في جديد؟
لأ
و لا قديم؟
لأ، و انتي؟
لأ و لأ
ثم تمضي بنا المحادثة في انتقاد وضعنا و سلبيتنا في التعامل معه، ففي حين تعمل هي في أجواء تكرهها و لا تجدها مشجعة على التألق أنتظر أنا قرار سفري لبعثة الدكتوراه بكل الملل الذي يبعثه الروتين الحكومي في النفس. و بالرغم من أنني أبرر لنفسي انتظاري و ارهاق أعصابي بالجري وراء الموظفين أملا في الاسراع بمجريات الأمور فأنا لا أبرر انتظارها هي لمعجزة تهز مجرى حياتها، و أبدأ في سرد كل الفرص الذهبية و الفضية و البرونزية التي تضيع منها بسبب تعلقها بالعمل في الجامعة، و هو وضع اجتماعي مهم بالمدينة التي تحيا بها حتى و ان كان مؤقتا و غير مجز ماديا و معنويا. الخلاصة أن الحديث يدور و يدور حول الأحلام التي يمكن أن نحققها اذا اتبعنا ما نريد فعله حقا، و الأشياء التي لو كانت لدينا لأمكننا أن نصبر على رتابة الحياة و الابتسامة على محيّانا، و كلما قلت لها أن هناك ظروفا أسوأ و أناسا يعانون محنا أصعب و أشد قسوة منا تصمت ثم تقول لي أنه لا بد من أن لديهم شيئا يسر قلوبهم و يسرّي عنهم، ثم حين تفشل هذه الحجة تقول أنني أقول هذا الكلام و هو خدعة كبيرة لأن الانسان لا يشعر حقا الا بآلام نفسه و صعوبة ظروفه، و هو منطق لا أستطيع رفضه تماما لأن الانسان فعلا مغرق في الأنانية و لا يهتم آخر الأمر الا بآلامه هو، و قد نتعاطف مع الآخرين الذين نعتقد أنهم أقل حظا منّا و لكننا ننسى سريعا و نعود لنغرق في مشكلاتنا التافهة أو العظيمة
و ينتهي الحديث بكلمتين عن الصبر و الأمل و أن الحال لا يمكن أن يدوم و أننا يجب أن نقدر النعم التي نحن فيها و الحظ الذي قُسِم لنا، و نختتم بتنهيدات تنم عن عدم ثقتنا بكل هذا الكلام و ضيقنا بأنفسنا. و لكني بعد كل حديث أجلس لأحدّث نفسي بما دار و كم أصبح الكلام متشابها، و كم أصبحت سلبية الأمل، و هو تعبير اخترعته للدلالة على انتظار الفرج دون فعل شيء للحصول عليه و دون رغبة حقيقية في التغيير. لقد كنت دوما فخورة برأي الآخرين في عملي رغم عدم اقتناعي به، و لكني لم أعد متأكدة من أن هذا العمل هو ما أريد حقا، و لا زلت خائفة من أن أقلب حياتي رأسا على عقب و أعمل في ما أحب حقا، و لست أدري ان كان هذا كسلا أم أني غير مستعدة بعد لتحمل نتائج قرارات مصيرية كهذه
و لكن مثل ما قالت هيفاء وهبي في مطلع احدى أغانيها: سنرى

Sunday, August 2, 2009

Birth Day

The worst thing in a person is his tendency to link major (or minor for that matter) changes in his life to major events; the new year resolutions, the christmas spirit, the begining of Ramadan, the birthday decisions. I'm one such person, who never siezes to set milestones for her changes at all sorts of dates; next week will be the week to work hard, after a certain assuring call I'll start doing so and so, and lately, since my birthday will coincide with the first of Ramadan, there can be no better milestone to start shaking my life a little bit more!! How naive I was to believe in this milestone myth!! I should believe in change whenever I'm ready to take action, and that would be right NOW, since I don't know about tomorrow. That was my resolution for my birthday, and when I get that call, I'll start immediately :D

Saturday, August 1, 2009

أوراق

تتساقط مني أوراق
كتبتها منذ زمن بعيد
كلما سرت في الطريق

تتساقط مني أوراق
تتساقط مني أحلام
أخاف أن يأتي يوم
تضيع فيه كل الأوراق
و كل الأحلام
فلا أستطيع أن أتذكر
أي انسان كنت

Thursday, March 5, 2009

رحيل

الرحيل الطويل
مفروض عليها منذ أن أدركت العالم
أدركت حينها أن العالم ليس كله حديقة أطفال
ذلك الرحيل يسعى اليها
يحملها الى كل مكان
يبحر بها.. يطير بها..يعبر بها صحارى و جبالا
أصبح حزم الحقائب أسهل عندها من لعب الأرجوحة
و كلما عزموا الرحيل
تحتبس بداخلها أنّت تعلمت كيف تكتمها جيدا
و كيف تحولها الى ابتسامات مؤلمة عند لقاء الأحبة الغرباء

يحفر الرحيل في عمقها ذكريات لا تموت
الألم..الأتربة..ورق الخريف عندما تعود لتجده قد أغرق باحة منزلها
ليؤذن ببدء المدرسة
الحرمان..الاهانة..معارك الكرامة التافهة دفاعا عن وطن لا تعرفه و لكنها تتحدث لغته
ضد وطن تعرفه..تعيشه..تحبه..رغم أنه لا يؤمن بها
و قليل من السعادة المغمسة بطعم مر

هي تكره الرحيل
كما يكره المريض داءه العضال
و تحب الرحيل
كما يحب المدمن لحظات النسيان التي يمنحها له المخدر
و كلما مرت الأيام يزداد شوقها لحالة الرحيل
و يزداد كرهها للحظات الرحيل

هل من الممكن أن تفقد الذاكرة و تبدأ من صفر الحاضر
و تنسى تلك اللحظات..لتستطيع أن تنسى تلك المرارة؟

Sunday, January 25, 2009

الماضي

أحيانا
يحب الماضي أن يأخذني
ينسيني دقات الساعة
يشعرني أن الزمن يعود
و هو غير موجود

و أحيانا
يفر الماضي
يتسرب من بين أصابعي
و أحاول عبثا أن أتذكر
أشياء تسعدني..أشياء تؤلمني
لكن الذكرى لا تسعفني

لماذا أجري وراء الماضي؟
هل لأنه حدث و انتهى
و لا خوف منه بعد الأن؟
ربما

Thursday, January 22, 2009

شبح

من هو
ذلك الشبح الغامض هناك
شاعر نسيته الأزمنة
أم تائه بين الأشواك
أخبروني أيها المنتصرون
في معارككم مع الخيال
أهُزِمَ ذلك الشبح أخيرا
و نسي كل فنون القتال؟
أم أعجبه العالم اللاموجود
فقرر ألا يعود؟

أنا مثله
لم أعرف يوما
كيف أقاتل أشباحي
و كيف أحارب ظلمة الليل
حتى أخلق صباحي
و لم أستطع الهرب من هذا العالم
فبقيت هنا.. أقاوم

فهل هو مثلي..عابر دائم؟


It's been so long

I know, it's been quite some time since I last blogged, although I had too many ideas floating in my mind. The circumstances were never right though, and I kept saying to myself I'll do it tomorrow; recording everything I want to say instead of writing it down as I always used to do. I guess now is time I put myself, my mind, and my whole life in a new order.

Template by:
Free Blog Templates